مقالات

مجاملة الأفاعي جريمة..بقلم مستشار محمود السنكري 

مجاملة الأفاعي جريمة

بقلم مستشار محمود السنكري 

تحتضن اللغة العربية العديد من التعبيرات التي تصف العلاقات الإنسانية المعقدة والمتداخلة. ومن بين هذه التعبيرات، نجد “مجاملة الأفاعي”، وهو تعبير يحمل في طياته دلالات عميقة حول العلاقات السامة والمنافقين الذين يتخلون عن قيمهم ونزاهتهم لتحقيق مكاسب شخصية. إذا كانت الحياة مليئة بالتحديات، فإن التعامل مع “الأفاعي” يشكل أحد أكبر التحديات.

عندما ندقق البحث في مفهوم “الأفاعي” في العلاقات الإنسانية.. يتضح لنا أن تعبير “الأفاعي” يرمز إلى الأشخاص الذين يختبئون خلف واجهات زائفة، يسعون لتقديم أنفسهم بشكل مميز بينما يحملون نوايا خبيثة. هؤلاء الناس يجيدون فن المجاملة السطحية، ولكنهم في الحقيقة يتسمون بالخداع والذكاء السلبي. فهم يتظاهرون بالود والإيجابية، لكنهم يسعون لإساءة أو استغلال من حولهم.

لماذا تعتبر مجاملة الأفاعي جريمة؟

هناك إجابات عدة لذلك السؤال : 

منها تلوث العلاقات الإنسانية..فعندما نتعامل مع الأشخاص الذين يجسدون “الأفاعي” في حياتنا، فإننا نسمح بتلوث العلاقات الإنسانية. المجاملات غير الصادقة تجعل الثقة تتآكل، حيث يجد الناس أنفسهم محاصرين في دائرة من الشك وعدم الأمان. هذا يؤدي إلى انعدام الوفاء في العلاقات الصادقة والأصيلة، حيث يصبح الجميع متشككين في نوايا الآخرين.

وأيضاً التأثير على الصحة النفسية..فنجد التواجد حول “الأفاعي” يمكن أن يكون له تأثير سلبي عميق على الصحة النفسية. إذ تتسبب البيئات السامة والمجاملات الزائفة في زيادة مستويات التوتر والقلق، مما يجعل الأفراد يشعرون بعدم الارتياح وعدم الأمان. في أسوأ الحالات، قد يؤدي هذا إلى شعور بالعزلة والاكتئاب.

وأخيراً إلحاق الضرر بالقيم الأخلاقية..فاللأسف الشديد نجد في ثقافة المجاملة الزائفة، تتراجع القيم الأخلاقية أمام المصالح الشخصية. يصبح الناس أكثر استعدادًا للتضحية بمبادئهم من أجل الحفاظ على العلاقات السطحية أو تحقيق فوائد مباشرة. وبالتالي، فإن مجاملة الأفاعي تمثل تآكلًا للقيم الأخلاقية والإنسانية.

وهنا يراودنا سؤال هام وهو كيفية التعامل مع الأفاعي؟؟

وتكمن إجابته في عدة خطوات يجب علينا إتباعها:

منها تعزيز الوعي فهو الخطوة الأولى للتعامل مع هذه الشخصيات ، التعرف على العلامات السلوكية التي تشير إلى وجود “الأفاعي” يمكن أن يساعد الأفراد على التعامل بحذر. يجب أن نكون على دراية بالإشارات التي تشير إلى الخداع والنفاق.

والخطوة الثانية تحديد الحدود فمن المهم وضع حدود واضحة عند التعامل مع الأشخاص الذين يجسدون “الأفاعي”. يجب أن نكون صادقين تجاه أنفسنا ونضع قيودًا على ما نقبله في علاقاتنا. هذا يساعد على حماية النفس والحفاظ على الصحة النفسية.

وآخر الخطوات البحث عن الدعم، فمثلا التواصل مع الأصدقاء المقربين أو المستشارين يمكن أن يوفر دعمًا نفسيًا أثناء التعامل مع هذه الشخصيات. التواصل مع من يشاركوننا نفس القيم والأخلاق يمكن أن يقوي من موقفنا ويزيد من ثقتنا بأنفسنا.

مما سبق يتضح لنا أن مجاملة الأفاعي تُعتبر جريمة ليست فقط ضد النفس، بل ضد العلاقات الإنسانية بشكل عام. يجب أن نسعى جميعًا لتجنب الدخول في دوائر المجاملات الزائفة ونتخذ خطوة نحو الشفافية والصدق. عندما نتعلم التغلب على هذا النوع من العلاقات، فإننا لا نحافظ فقط على قيمنا، بل نساهم في بناء مجتمعات أكثر صحة وإيجابية.

في النهاية، من المهم أن نتذكر أن حياتنا تستحق أن نعيشها بصدق وأن نحيط أنفسنا بأشخاص يشاركوننا القيم والمبادئ. قد يكون الطريق صعبًا، ولكنه دائمًا يستحق الجهد. مجاملة الأفاعي جريمة..بقلم مستشار محمود السنكري 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى