مقالات

الشكر بين السعة والضيق

الشكر بين السعة والضيق
متابعة ناصف ناصف
مقال رائع للدكتور ثروت حسين سالم
أستاذ العقيدة والفلسفة ووكيل شئون الطلاب والتعليم بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بكفر الشيخ
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على إمام المرسلين ورحمة الله للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد…….فقد اختلفت رؤى الناس تجاه فضيلة وخلق ومقام الشكر مابين سعة وضيق في المفهوم فنجد البعض يحصر شكر المولى -عزوجل -في طعامه وشرابه فقط وقد غفل عن المعنى الواسع وفيه يقول أبو الدرداء – رضى الله عنه- :-” من لم يرَ لله عليه نعمة إلا في الأكل والشرب، فقد قلّ فهمه، وحضرعذابه. كتاب الشكر لابن أبي الدنيا ص33 رقم 92 .وعلى شاكلته من يجحد النعمة ولاينسبها لخالقها سبحانه وتعالى مدعيا أنه أوتى إياها كابرا عن كابر وفيه نلمح رضا المولى عن الأعمى الذى رد الله إليه بصره من خلال حديثه صلى الله عليه وسلم الذى قص ذلك وفيه الجواب للسائل: “قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ، ودع ما شئت ، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عز وجل . فقال : أمسك مالك ، فإنما ابتليتم ، فقد رضي الله عنك ، وسخط على صاحبيك “أخرجه البخاري (3464 .وهناك أقوام صححوا هذا الاتجاه الضيق بالفهم الواسع رحمة بالإنسان وغيره وهو ما فعله الرجل بسقياه الكلب الذى كان يلهث من شدة العطش فشكر الله له .وعلى جانب التصحيح نسب العارفون النعم لمبدعها شاكرين له حتى صارت أركانهم ومن قبل قلوبهم شاكرة لأنعم الله عزو جل متفكرة ومضمرة الخير وحسن النية الأربعين في أصول الدين -221.ليلا ونهارا متمثلين قول النبى صلى الله عليه وسلم:” من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحدٍ من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه، ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته “رواه أبو داود في سننه في باب ما يقول إذا أصبح، والنسائي واللفظ له4 /318 ح 5073 .وقد عطر فؤاده بشكر المولى حتى يعد من القليل ،ومن تصحيح المفاهيم شكر المولى عزوجل في كل الحالات والتي قد يراها البعض عسرا ولذا كان عجبا لأمر المؤمن كما بين الهادى صلى الله عليه وسلم ذلك قائلا : عجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ. رواه مسلم2999 ولكن البعض يتجاهل ذلك ولايشكر المنعم ولكن أصحاب العقل السليم يقولون باستحباب حمد الله، عند تجدُّد النِّعَم، وحصول ما كان الإنسان يتوقَّع حصوله، واندفاع ما كان يخاف وقوعه وفيه استحباب سجود الشكر بكل نعمة ظاهرة حصلت، أو نقمة ظاهرة اندفعت.” مجموع شرح المهذب النووي – أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي3/564 وهذا الشكر يحتاج مناجاة للمولى عزوجل ولذا كان نصيحته عليه السلام لسيدنا معاذ –رضى الله عنه -بقوله أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ ” :أخرجه أبو داود (1522)، ومن التصحيح والسعة في المفهوم شكر الإنسان لأخيه الإنسان فيعد ذلك شكرا لله تعالى ،ومن ضيق المفهوم إنكار ذلك مع مواجهته لحديث الهادي صلى الله عليه وسلم “لايشكر الله من لايشكر الناس “. صحيح مسلم 4811. وقد استغرقت القلوب فأصبحت لا ترى إلا واهب النعم فالشكر يزيدها ويمنحها البقاء وهذا ما سطره ابن عطاء رحمه الله بقوله:- من لم يشكر النعم –فقد تعرض لزوالها ومن شكرها فقد قيدها ” الحكم العطائية الحكمة الرابعة والستون ومن شاكلة الفهم المغلوط استصغار النعم وعدها قليلة بنظر صاحبها بعيدا عن البصيرة الواعية فذاك طريق الشيطان وحيل النفس الأمارة بالسوء ذلك أن الإنسان يسبح فى نعم الله التى تغمره مسرعة إليه فعلى المرء أن يعيد فهمه لفضيلة الشكر من خلال قبس النبوة والذى يدعونا إلى البصيرة الواعية في فهم ديننا وقوام حياتنا كى يسعد الجميع وبالله التوفيق وهو أعلى وأعلم .الشكر بين السعة والضيق

زر الذهاب إلى الأعلى