تحقيقاتثقافةدنيا ودينصحيفة المواطنمقالات

قــراءة في فـقـــــه الصلاة 15 السجود في الإسلام

متابعة /ناصف ناصف

1ــ سجود الصلاة وهو ركن من أركانها، فلا تحسب الركعة إلا بالسجود سجدتين، ولا تُقبَل الصلاة إلا به.

2ــ سجود السهو: يبذل الشيطان جهده ليصرف المصلي عن صلاته، فيذكِّره أمورا تلفت قلبه عن المتابعة والخشوع، وربما تنسيه شيئا من صلاته، فإن نسي ركنا ثم تذكَّره أثناء الصلاة أو عقب التسليم أتى بالركعة كاملة، ثم يسجد للسهو، فإن طال الوقت بعد الصلاة وجبت عليه إعادة الصلاة، وإن نسي سُــنَّة كالتشهد الأول أو التسبيح أو الآيات ثم تذكَّرها أكمل صلاته وسجد للسهو تعويضا عما نسيه، فإن طال الوقت بعد التسليم فلا شيء عليه، وإن نسي التشهد الأول فتذكَّره بعد قيامه لا يعود للتشهد؛ لأنه سُنة والقيام ركن، ولا يعود من الركن إلى السُّنة، وإنما يعوضه سجود السهو، لكن إن نسي في الركعة الأخيرة فقام ليأتي بركعة ثم تذكَّر أنها زائدة نزل فورا لقراءة التشهد ولا يكمل الركعة الزائدة؛ فتبطل صلاته، ثم يسجد للسهو، وإن شكَّ هل صلاته كاملة أو ناقصة بنى على اليقين فأتى بركعة ثم يسجد للسهو.

ــ وإذا نسي المأموم ركنا أو سُنة من صلاته فلا شيء عليه وصلاته صحيحة على الأصوب؛ لأن قراءة الإمام قراءة للمأموم، وليس عليه سجود سهو استنادا إلى حديث «لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ سَهْوٌ، فَإِنْ سَهَا الإِمَامُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ السَّهْوُ»، وهذا يعني أنه لا سجود سهو على مأموم إلا تبعاً لإِمامه.

ــ وعلى ذلك فسجود السهو شُـرِع لجبر الخلل في الصلاة نقصا أو زيادة، وهو سجدتان يسجدهما المُصلى قبل التسليم أو بعده يقول فيهما ما يقوله في سجود الصلاة، ففي الحديث «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاَثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلاَتَهُ وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ»، وحدث أن «النبي صلى بالصحابة ركعتين ثم سلَّم، فقالوا أَقَصُرَتِ الصلاةُ؟ وفيهم أبو بكر وعمر، فهاباه أن يُكلِّماه، وفيهم رجلٌ فى يدَيْه طولٌ يقال له: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله أنَسيتَ أمْ قَصُرَتِ الصلاةُ؟ قال: لم أنْسَ ولم تُقْصَر، فقال: صليتَ ركعتين فقال: أحقٌّ ما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدَّم فصلى ركعتين أُخْرَيَيْن ثم سلَّم، ثم كبَّر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه فكبَّر، ثم كبَّر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه فكبَّر ثم سلَّم، ثم قال: إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسَون، فإذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين»، فإن نسي المصلي أن يسجد للسهو فلا شيء عليه، وصلاته صحيحة.

ــ والأفضل أن يكون سجود السهو قبل التسليم في حالة النقص في الصلاة، وأن يكون السجود بعد التسليم في حالة الزيادة، إلا في صلاة الجماعة فالأفضل أن يكون السجود للسهو قبل التسليم حتى يأتم جميع المأمومين بالإمام.

3ـــ سجود التلاوة: خمسة عشر موضعا لسجود التلاوة في القرآن، آياته كلها مكية، أولها في سورة الأعراف، وآخرها في سورة (اقــرأ)، والسجود سجدة واحدة، وهو مستحب للقارئ في الصلاة وخارج الصلاة، وإن لم يسجد فلا إثم عليه وصلاته صحيحة، ولا تُشترَط الطهارة لسجود التلاوة خارج الصلاة، وليس فيه تسليم، والمنفرد بالصلاة يُسنّ له السجود في الصلاة الجهرية والصلاة السرية، في حين يُسـنّ للإمام في الصلاة الجهرية فقط، أما في الصلاة السرية فلا يُستحَب سجود التلاوة للإمام حتى لا يشوش على المأمومين، والتكبير للسجود في الصلاة مشروع نزولا وقياما حتى يتابع المأموم الإمام؛ حيث كان النبي يكبِّر في كل سجود خفضا ورفعا بما فيه سجود التلاوة، وإذا كانت آية السجدة هي آخر آية في السورة يُستحَبّ للمصلي بعد قيامه أن يقرأ ولو آية من السورة التالية ثم يركع، ويقال في سجود التلاوة: “سبحان ربي الأعلى (ثلاثا)، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، ولك سجدت، سجد وجهي للذي خلقه فصوره وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين”، ولا يُشرَع سجود التلاوة للمستمع إلا إذا سجد القارئ، فالمستمع مؤتمّ بالقارئ.

4ـــ سجود الشكر: أن يسجد المسلم شكرا لله عند حصول نعمة أو زوال نقمة، وهو سنة مستحبة، فقد ثبت “أن النبى كان إذا أتاه أمر يسـرُّه أو بُشِّر به خــرَّ ساجدًا شاكرًا لله”، وكيفيته أن يسجد العبد سجدة واحدة مستقبلا القبلة، ويكبر فيه خفضا ورفعا، ويقول فيه ما يقوله في سجود الصلاة مع الدعاء، ولا تسليم فيه، ولا يستوجب الطهارة على الأصوب، ولا يوجد في نوافل الإسلام صلاة شكر أو صيام شكر أو اعتمار شكر أو تصدُّق شكر مخصوص، لكن لا مانع أن يكثر المسلم من هذه الأعمال شكرا لله على دوام نعمه، فقد ثبت أن النبي صام عاشوراء وأمر بصيامه شكرا لله على نجاة موسى وأصحابه من الغرق واستنانا بموسى في صيامه، وثبت أن النبي صلى ثماني ركعات عقب فتح مكة صباحا، فقيل: إنها صلاة الضحى أو صلاة شكر على الفتح، وقد وعد الله الشاكرين بالزيادة من الخير، فقال تعالى: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ}، وقال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.

زر الذهاب إلى الأعلى