تحقيقاتتقاريرثقافةدنيا ودينمقالات

” إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا” المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

متابعة/ ناصف ناصف

أن اللغة أفضل السبل لمعرفة هوية المجتمعات وفهم خصائصها ولذلك كان كل نبي يرسل بلسان قومه، قال تعالى:( ليبين لهم) ولغتنا العربية هي ركن ثابت من أركان هويتنا, وهي الأداة التي سجلت أفكارنا وحضارتنا منذ أمد بعيد.

وهي لسان الفهم ووعاء العلم، وحلقة الوصل التي تربط بين ماضينا وحاضرنا ، ولقد خص الله تعالى العربية فجعلها لغة الرسالة الخاتمة، في قوله سبحانه: “وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا “طه : 113 ,لما فيها من مكنون الفصاحة والبيان والبلاغة، وقال تعالى:” وهذا لسان عربي مبين“النحل: 1.2. والهوية الدينية نقصد بها: الإيمان بعقيدة هذه الأمة، والاعتزاز بالانتماء إليها، واحترام قيمها الحضارية والثقافية، والاعتزاز والتمسك بها، والشعور بالتميز والاستقلالية الفردية والجماعية،وهي غير قاصرة على الانتماء العربي ولا تتعارض مع الانتماء الوطني فالعربية وعاء الدين , والإسلام دين الشمول يتضمن كل الديانات وكل الرسالات السماوية .

والعربية لغة الدين , و لغة الدستور ولغة العقيدة وهي لغة الكتاب الذى أنزله الله على رسول الإنسانية لقوله تعالى : ” إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ “يوسف : 2. ولغة القرآن لقوله تعالى :”بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ” الشعراء :193.

والهوية الإسلامية مستهدفة من يومها الأول، منذ بعثة النبي صلى الله عليه وبلغت هذه الهجمة ذروتها في وقتنا الحاضر، فلم يدخر أعدائنا جهداً في تفريغ هذا الدين عن محتواه لطمس الهوية الإسلامية والعربية، والهوية الإسلامية في الحقيقة هي الانتماء إلى الله ورسوله وإلى دين الإسلام وعقيدة التوحيد التي أكمل الله لنا بها الدين وأتم علينا بها النعمة، وجعلنا بها الأمة الوسط وخير أمة أخرجت للناس،

وللحفاظ على الهوية لابد من تعزيز الاعتزاز بالذات، ويأتي ذلك عن طريق تنمية الثقة لدي أفراد المجتمع المسلم في أمته وحضارته، “فالأمة التي لا تثق بقدراتها، ولا تقدر إمكاناتها الذاتية حق قدرها؛ لا يمكن إلا أن تكون على الدوام ظلاً للآخرين، تابعة لهم، لا تعتمد إلا ما يقولون وما يفعلون ، إذ إن كل جماعة أو أمة تعوزها الهوية المتميزة ليمكنها المعيشة والمحافظة على وجودها؛ فالهوية هي التي تحفظ سياج الشخصية، وبدونها يتحول الإنسان إلى كائن فارغ غافل تابع مقلد؛ لأن للهوية علاقة أساسية بمعتقدات الفرد ومسلماته الفكرية، وبالتالي تحديد سمات شخصيته فتجعله إنسانًا ذا قيمة ولحياته معنى وغاية.

ذلك لأن أمتنا أمة خاصة في طبيعتها ومنهجها وأهدافها، أمة ذات مبدأ وعقيدة ورسـالة تتمثل دقائق النفس البشرية وجوانب الحياة الفكرية . وحتى تتجلى لنا أثر الهوية الإسلامية لغة الله عز وجل , ولغة العقيدة (اللغة العربية) في حياتنا لابد أن نسعى إلى تعميق الإحساس بقيمة خصوصية هويتنا و إيمانا بلغتنا العربية لغة القرآن ووعاء الإسلام وحرصا على اكتشاف أصالتها وإنماء لشخصيتها وإثراء لتراثها واستظهارا لدورها الحضاري على الصعيد العالمي وتعميقا لفهمها وإدراكها.

أ.د/ مفيدة إبراهيم على -عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى