صحةمقالات

«طِفْلُكَ وَالْعَادَاتُ اَلْمُكْتَسَبَةُ»صحة نفسية : بقلم -د/ ياسمين ناجي

«طِفْلُكَ وَالْعَادَاتُ اَلْمُكْتَسَبَةُ»صحة نفسية : بقلم -د/ ياسمين ناجي

أعدته وكتبته: د/ ياسمين ناجي
مدرس بقسم الصحة النفسية– كلية التربية- جامعة السويس

قال أبُو الفتح البستي
لَا تَحْسُبُ اَلنَّاسَ طَبْعًا وَاحِدًا فَلَهُمْ ** غَرَائِز لَسْتُ تُحْصِيهَا وَأَكُنَانِ
فالعادة هي نوعٌ من السُّلوك المُكتسب، حيث يصبحُ ثابتًا لا يتغيَّرُ مع التَّكرار والخبرة، ويُصبح من السهل التنبُّؤ بما يحدث إذا سنحت الظُّروف بإظهار الفعل ذاته.
ومن أمثلة تلك العادات الَّتي تتمثل في العادات الفطريَّة الَّتي من الطَّبيعي تكون باتصالٍ بالفرد، كإشباع دافع الجوع؛ فتمَّ اتخاذُهُ كمثال لأنَّه دافع فطريٌّ أولي، ومن تلك العادات المُرتبطة به: نوع وجبة الطَّعام، ومواعيد تناول الوجبة، وألوان وأشكال الطَّعام، وآداب الطعام، والطَّريقة الَّتي يتمُّ بها تناول الطَّعام، حيث تختلف من فرد لآخرٍ، ومن أسرة لأخرى، ومن مجتمع لآخرٍ، ومن ثقافة لأخرى.
ونقيسُ على ذلك العديد من العادات في جميع نواحي الحياة، كالعادات الاجتماعيَّة، العادات الثَّقافيَّةُ، العادات الأخلاقيَّة، وعاداتُ اللَّعب وقضاء وقت النَّوم والرَّاحة، ومنها ما يتعلَّقُ بعادات الاستذكار كالتَّفكير والتَّذكُّر والحفظ والقراءة، وأيضًا ما يرتبط بالمواقف الاجتماعيَّة من عادات الفرح والحزن والعصبيَّة والعناد والتَّمرُّد.
فكُلُّ تلك العادات يكتسبُها الطِّفل من أوَّل مركز تنشئةٍ ينمُو فيه وهي الأُسرةُ، وتكرار تلك العادات أمامهُ وحولهُ تُصبحُ عادةٌ مُتأصلةٌ وراسخةٌ في شخصيَّته وسلُوكيَّاته وتصرُّفاته وانطباعاته وتفكيره ومبادئه وأُسلُوبه وثقافته؛ لذا فإن تكوين العادات المُفيدة والصَّالحة للطفل من صغره تُساعد على نشأة إنسانٍ بالغٍ سوي في حياته المُستقبليَّة، ويكُون قادرًا على تكوين أُسرةٍ بعاداتٍ جيدةٍ ومقبُولةٍ اجتماعيًّا.
ولكن ليس معنى ذلك هُو التَّركيز على العادات المُفيدة والجيِّدة، ولكن يجبُ التَّركيزُ أيضًا على العادات السَّلبيَّة والتَّخلُّص منها، فالعملُ على إهمال العادة وهذا ما وضَّحه علمُ النَّفس بأنَّه يتمُّ من خلال عدم استعمال العادة السَّلبيَّة، وتكرار عدم استعمالها يُؤدي لإهمالها، وهذا يتمُّ في البيئة الَّتي يعيشُ فيها الطِّفلُ.
بالإضافة إلى الشَّخص ذاته يُمكنُهُ إهمالُها من خلال قيامه بنشاط ما يجعلُهُ يُهملُ تلك العادة، أيُّ تكوُّن لديه رغبةٌ في تغيير سُلُوكه، وهذا ما يُمكنُ أن تبُثَّه الأُسرةُ في نفس الطِّفل الصَّغير لتُّساعدهُ على مُساعدة ذاته بإهمال تلك العادة.
ويُمكن أيضًا أن يتمَّ إهمالُ العادة من خلال تدريب الفرد على استعمال تلك العادة السَّلبيَّة مرارًا وتكرارًا، وفي هذا التِّكرار سوف يمُرُّ بحالاتٍ انفعاليَّةٍ جيدةٍ أو سيِّئةٍ، ولكن مع التَّكرار ومُرُوره بالحالة الانفعاليَّة على اختلاف نوعها، سوف يشعُرُ الفردُ بضرر تلك العادة ويجعلُهُ واعيًا بها ومُدركًا لها، فيشعُرُ بالضِّيق وعدم الرَّغبة في القيام بها، وبالتَّالي يشعُرُ بالرَّغبة في التَّخلُّص منها نهائيًّا.

زر الذهاب إلى الأعلى