مقالات

روح أكتوبر

كتب: سامح سلام

تلك الروح التي سيطرت على مصر كلها من مدنيين وعسكريين دولة وشعبًا وجعلت الجميع على قلب رجل واحد وتعلم الأجيال القادمة كيف استطاع الأجداد تحويل الهزيمة إلى نصر و إيجاد حلول غير تقليدية لمشاكل بالغة التعقيد فانطلقوا بعون من الله و انتصروا بحمد الله ولأنهم ذهبوا إلى الحرب وأمامهم خيار من الاثنين النصر أو الشهادة فأرضهم محتلة ولابد من تحريرها بأي ثمن فأضاء نصر أكتوبر الطريق أمام مستقبلنا فقد ولدنا في وطن منتصر حر ذات سيادة مدركين أن أجدادنا ضحوا بأرواحهم لكي نحيا بأمان وسلام مرفوعي الرأس فخاضوا حرب أكتوبر باحتراف عالي في التخطيط والتنفيذ بدأت بخطة الخداع الاستراتيجي التي وضعتها القيادة السياسية والعسكرية المصرية ولان حرب أكتوبر ليست مثل أي حرب أخرى في التاريخ الحديث فهي تُدرس اليوم في كبرى الأكاديميات العسكرية بالعالم لكونها الحالة المثالية التي حققت فيها قوات مسلحة أقل في الإمكانيات أهدافها على قوات أخرى أعلى منها في الإمكانيات وهى إسرائيل ووقوف الولايات المتحدة الأمريكية و بعض الحلفاء الآخرين بجانبها فكانت القوات المصرية عام 1973 لم يكن بإمكانها على الإطلاق و بمعايير العلم العسكري أن تخوض عملية هجومية وتنفذ ثلاثة اقتحامات رئيسية لثلاث خطوط دفاعية وهى قناة السويس والساتر الترابي وتحصينها بخط بارليف أصعب وأخطر مانع في التاريخ على الإطلاق والذي تمكن الجندي المصري خلال الحرب من تجاوز ساتر ترابي ارتفاعه أكثر من 20 متر وبميل 45 درجة في الوقت الذي أكد فيه الخبراء أن هذا الساتر يحتاج إلى قنابل ذرية تكتيكية لعمل فتحات فيه ولكن قواتنا المسلحة بمضخات مياه ذات مواصفات خاصة فتحت ثغرات في هذا الساتر الترابي الضخم إلا أنها نجحت بالفعل وكسرت نظرية الأمن الإسرائيلية والتي تستند على احتلال أرض خارج الحدود وإنشاء خطوط دفاعية وقد أسقطت القوات المسلحة المصرية هذه النظرية في ست ساعات يوم السادس من أكتوبر وحققت انتصارًا سطره التاريخ بحروف من ذهب فلولا نصر أكتوبر وروح أكتوبر لما أصبحت مصر علي ما هي عليه اليوم إذ تسير بخطى ثابتة في مشروعات عملاقة ومسيرة تنمية مستدامة تحظى بالرياده والاحترام والتقدير من كافة دول العالم التي تجلس معنا للتفاوض على الشراكة وتحرص على دفع العلاقات الثنائية ونتعامل معها على قدم المساواة سلاما علي جنود أكتوبر الذين خاضوا الحرب وكانوا مدركين بأنها حرب غير متكافئة ولكن جعلوا نصب أعينهم الآية القرآنية “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة” فبذلوا كل ما في استطاعتهم لتحقيق هدفهم و استعادة الأرض والعرض والكرامة وكلهم إيمان بأن وما النصر إلا من عند الله

و على مدار نصف قرن مضى بنفس شعور الفخر والاعتزاز كما لو كنا نستمع إليها لأول مرة نعيد كل عام الاستماع إلي الكلمات الخالدة في قلوب وأذهان المصريين على مر الأجيال من خطاب النصر التاريخي الذي ألقاه الرئيس الراحل محمد أنور السادات أمام مجلس الشعب في 16 أكتوبر 1973.

“وربما جاء يوم نجلس فيه معًا لا لكي نتفاخر ونتباهى ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا و أحفادنا جيلًا بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقة مرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله نعم سوف يجيء يومًا نجلس فيه لنقص ونروي ماذا فعل كل منا في موقعه وكيف حمل كل منا أمانته وأدى دوره وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة في فترة حالكة ساد فيها الظلام ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء “

زر الذهاب إلى الأعلى