تحقيقات

مصر هي التي أيقظت اليمنيين اولاً بكل ملامح اليقظة الثقافية والعلمية ثم الطبية ثم السياسية

أجرى الحُوَار/٠لطيفة محمد حسيب القاضي
ها أنا الآن أكتب قصته و سأذهب معه إلى حوار راقي و شيق حيث لا زمان ولا أنتظار فهو السفير اليمني الدكتور عبد الولي الشميري فهو مؤلف وشاعر وروائي وسياسي ورجل أعمال حاصل على الدكتوراه في الأدب العربي و ماجستير في الأدب المقارن دبلوم عالي في العلوم العسكرية و دورات تدريبية عديدة في مختلف التخصصات المهنية والعلمية.
له نحو عشرين مؤلفاً في الشعر والنقد والسياسة، شغل عدد من المناصب السياسية أبرزها سفير اليمن في القاهرة حتى العام 2011. مؤسس ورئيس مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب في صنعاء.المندوب الدائم للجمهورية اليمنية جامعة الدول العربية القاهرة٠ ولد في بادية شمير محافظة تعز باليمن سنة 1956 ٠تلقى دراساته العلمية في عدد من المدن والبلدان منها زبيد وتعز باليمن أبها بالسعودية لاهور بباكستان لندن ببريطانيا القاهرة بمصر.
الرتبة العسكرية (عميد). أسس مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون بصنعاء سنة 1993م وتأكد من النظام الأساسي لمؤسسة الإبداع وموقع الإبداع.
أسس منتدى المثقف العربي في القاهرة ويرعاه يقيم ندوته الشهرية. أصدر مجلة المثقف العربي اللندنية بالقاهرة ويرأس تحريرها.
و ينفتح الحوار على شخصيته حيث أنه
أصدر مجلة تواصل القنصلية الثقافية العسكرية الشاملة ويرأس تحريرها ٠أسس مكتبتين ثقافيتين إحداهما بصنعاء
بمؤسسة الإبداع، والأخرى بالقاهرة بحي المهندسين متوقفتين للجمهور.
محاضر في عدد من الكليات والأندية والجامعات المصرية والعربية والبريطانية والإسبانية والإيرانية والمعاهد العليا.
عضو مشارك لأكثر من عشرين مؤسسة ومركز وجمعية ثقافية وأدبية وعلمية في أرجاء الوطن العربي وخارجه. شارك في مئات من المؤتمرات القطرية والدولية وزار أكثر من ثمانين دولة من دول العالم.
ألف موسوعة أعلام اليمن و التي تحتوي على تراجم و سير أعلام اليمن في مختلف العصور وتعتبر الموسوعة عمل فريد يساهم في توثيق تاريخ اليمن ويساعد الباحثين في تاريخ اليمن و المهتمين بالأدب و الشعر و الإرث الثقافي لهذا البلد العظيم .
من ثم يتحدث الدكتور عبد الولي الشميري عن التحديات التي واجهته و تعرض لها في الحياة ووصوله إلى ما يتمناه ويتحدث أيضا عن علاقته بالشعر منذ صباه وسأقول بأنه كتاب مفتوح على سرد سيرته فيقول ٠
“علاقتي مع الشعر من صباي في قريتي حيث كانت بين يدي دواوين التصوف الشهيرة الرقيقة مجزأة في شكل ملازم خطية أو محفوظات شفهية من قصائد الصوفية المبدعين الرقة والحب ومنهم قصائد من ديوان الشاعر اليمني المتصوف الشهير عبد الرحيم البرعي الذي كان من سكان قرية تسمى النيابتين في جبل برع من محافظة الحديدة ثم شاعر التصوف الكبير البليغ عمر بن الفارض المصري الشهير ومن هنا بدأ الشعر في حياتي مع المتصوفين الربانيين في الأربطة العلمية وعلمائها في كل الربوع والديار من تريم إلى زبيد وزاد من ولوعي بالشعر الرقيق حب والدي رحمه الله للتصوف وإشعاره ولكني كنت أجد نزوعا أخفيه إلى الغزل وكنتُ اتغزل بالجمال والجميلة غزلاً لا أجرؤ على المجاهرة به وإذا نشرت لي قصيدة في أحدى الجرائد الأسبوعية أتذكر منها جريدةكان أسمها الصباح تصدر في الحديدة وبعضها في جريدة الجمهورية في تعز ولكن بأسماء مستعارة خوف الافتضاح في مجتمع قبلي ومتصوف وحيث رأيت جميلة لا اتمالك دون أن أصف شغفي ولكني إما أخفيها أو أخفي إسمي عنها وبعضهن لا أعترف أنها من شعري خوفا من أن لا يتقبلها ذلك المجتمع أو أن تصل لسمع والدي رحمه الله الذي كان شديد التصوف والذكر والتلاوة والأدب إضافة إلى أن المجاهرات يستنكرها ذلك المجتمع وقد أُسميها لشاعر مجهول و تنشر ويحفظها شباب القرى وتغنيها راعيات الغنم وفي حفلات النساء والأعراس ولكن اترابي في الصبا وبعضهن يعرفون أنها لي وهذه لمحة قصيرة من بواكيري مع الشعر قبل أن تراني دواوين الشعراء الكبار التي تدفقت إلى اليمن تدريجياً فيما بعد كالشوقيات وديوان حافظ إبراهيم وكنت شغوفا بقصائد وصوت عمر أبو ريشة السوري التي كان يلقيها بصوته وإلقائه في المناسبات وبعضها من راديو صوت العرب ليلاً واحفظها من خلال الاستماع لألقائه الشاجي في الراديوهات هذه بعض من قصتي مع الشعر في البدايات٠”
من ثم يسترسل ويوضح لنا عن كيفية العلاقات المصرية اليمنية في ظل الظروف الصعبة فيقول:
“مصر هي التي أيقظت اليمنيين اولاً بكل ملامح اليقظة الثقافية والعلمية ثم الطبية ثم السياسية من خمسينيات القرن الماضي نسميه القرن العشرين وزرعت وهج التمدن والملامح التعليمية الرسمية حتى الجامعات وتحملت أعباء وتكاليف ثورات وتدريب وتعليم معظم الشعب اليمني٠ واليمن الجمهوري في كل القطاعات وما زالت جسور التعليم والموالاة والاحتواء الثقافي التعليمي والطبي قائمة ومتينة وحصانة ولن تستغني عنها اليمن”
فيقول عن وضع الشعر العربي حالياًفي ظل الأوضاع المحزنة للوطن العربي
الشعر العربي في ظل الوقت الحالي والمواهب والإبداع في هذه الأوقات فيقول: “
” الشعر العربي حالياً لم يجد في ظل أوضاع الأوطان المحزنة من يكشف عن المواهب ولم تجد مؤسسات كفؤه تحتضنها لهدف الإبداع فقط ومع اختفاء المنابر الشهيرة والأسمار والمناظرات وخفوت مجالس كبار الشخصيات والمحبين والمثقفين بالشعر كما كانت من رجالِ ونساء في كل ريف ومدينة وزاد في خِذْلان الشعر المعاصر إطفاء شهرة المواهب الكبرى في كثير من الأقطار وبروز الشعر المهتري الذي لا يصلح أن يطلق عليه شعراً… وتعدد العاجزين البكم شعر المدعومين من ممدوحيهم ووسائل إعلامهم ولأسباب لا عَلاقة لها بالإبداع الشعري واللغوي… وهدم المال العربي قيم كثير من المواهب وكثرت مؤخراً المسميات الغريبة الحديثة للبيت الشعر والمضامين التي كانت تجمل وتزين الكُمّةُ حسب موقع ورودها والتراكيب العروضية التي جعلت البيت الشعري له رنين وإيقاع موسيقي مدهش وجميلاً عبر العصور وللاسف كل تلك المقومات انتحل ديوانها وسطى غير الموهوبين عليه حقاً واختفت جماليات القصيدة الأصيلة التي جاءت من موهبة حقيقية وليست من صنعة أو شُريت بمال أو وظيفة ولكن المواهب الإبداعية الحقيقية لم تمت ٠٠مازال في الفلك كواكب ومواهب من الذكور والإناث وإنما تنتظر الإفاقة وعودة النبلاء”٠
الدكتور عبد الولي الشميري والثقافة يشغله الهم العام عن تقديم الكثير من وقته و جهده للشأن الثقافي و للمبدعين يقول : “الشعر…لي وفي حياتي راحة القلب والوجدان فيه راحة لي وسلوان وللأسف الشعر لم ينل من وقتي ما ينبغي له وبعض موضوعات أشعاري تثير غضب المعاصرين المخالفين لموضوعاتها فليس سهلاً إطلاقها في ذائقة مجتمعنا ومنعني منه كثيراً طبيعة العلاقات وتعدد الوظائف والإنشغالات وتراكم الأعمال والمسؤوليات العديدة والتنقلات والواجبات المقدسة لم أجد في الوقت متسعاً لكل ما أرغب من الشعر الذي أريد له من موضوعات الكتابة ومازالت بعض مؤلفاتي لم تطبع منها في مجالات الرواية والتاريخ والأدب والثقافة والإبداع وأحاديث سردية الذكريات والوقائع بعضها لا تحتمل البوح
كما إن بعض القصائد ما تزال حبيسة لم تنشر لموضوعاتها التي لن يكون سهلاً إفشاء ما تحمله
ولكن بعض المؤلفات جاهزة للإخراج على برامج النشر وأجهزة الحاسوب وعزائي في جهود الباحثات والباحثين في أطروحات الرسائل العلمية التخصصية التي صدرت في عدد من كليات الجامعات في عدد من الدول”٠
قام الدكتور عبد الولي الشميري بالتدقيق لعديد من المخطوطات الهامة فعمل على إعداد(موسوعة أعلام اليمن)التي تضم كل أسماء المؤلفين و المثقفين والعلماء في اليمن منذ أقدم العصور إلى يومنا هذا حدثني عن هذه التجربة و كيف بهذا العمل الضخم
“موسوعة أعلام اليمن ومؤلفه “في عشرين مجلداً ضخماً طبعت في بيروت نشرت في عدد كبير من معارض الكتب الدولية في عدد كبير من البلدان وأصبحت في المكتبات العلمية العامة الشهيرة مكتبة الكونجرس والمكتبة البريطانية الكبرى ومكتبة الإسكندرية ومكتبة فرانكفورت وبرلين وفي باريس ودار الكتب الروسية٠ أما الوطن العربي فقد ولجت كل الدول وشاركت في المكتبات التجارية وانتشرت أكثر من خلال موقعها والتطبيقات الألكترونية العديدة لجميع الأجهزة باختلاف أنواعها مجاناً ونزلت بكميات كبيرة في شتى الدول وأصبحت على أرفف مكتبات الكليات والجامعات تلك نعمة علي وعلى الإعلام ٠
وقد بدأتها بأقدم وأكبر الإعلام في اليمن سيدنا هُود رسول الله أول الأنبياء بعد سيدنا نوح عليه السلام وقبل ثمود و قبل صالح وقبل عصر إلى الأنبياء سيدنا إبراهيم عليهم جميعاً الصلاة والسلام تلك ومن ذلك العصر كانت بداية وزمن موسوعة أعلام اليمن وتقدر زمنيا بأكثر من 20 ألف سنة ومروراً بازمان الحضارات القديمة الضاربة في القدم وملوكها ونقوشها ابتداء من حضارة معين ثم حضارة سبأ وذريته والملوك والدول المتسلسلة عبر الأزمان وما فيها من ديانات وآلهات وأرباب ما احتوتها آلاف السنين حتى وصلت بها إلى نهاية العقد التاسع عشر قبل القرن العشرين الميلادي ومستمر في تدفق المعلومات والتصحيحات والإضافات فهي موسوعة الإنسان على أرض اليمن قبل العصور”٠
ومن هنا تنهد الدكتور الشميري حيث رتبت الأقدار آماله وتحرر قليلاً من ثقل الذكريات لنتحدث عن الغربة وقال أنني أشعر أشعر أشعر بالغربة٠
لنتحدث عن حاله مع المرأة و الأسرار فيقول
“الأسرار كالكتاب مقسمة أنواع وفصول وعناوين و وموضوعات فمنها ما يودع عند المرأة دون تخوف ولا قلق ومنها ما لا يقال للمرأة ولا لغيرها”٠
قال عن الشعر و القراءة و المشاعر الوجدانية
الشعر فيض خيال فيه عاطفة”
يمليه شجو وأفراحٌ وأحزانُ
والشعر موهبة السماء فطائرٌ
يشدو، على فنن وآخر ينعبُ
منذ صباي وفي مراتع أحلامي عشت في البادية التي تحمل كلما في قصيدة الشعر العربي العريقة والفصيحة منذ عصور الفصحى والبادية والريف والجبل ولها شعرائها المشهورين حتى الآن في الحب والحرب والعشق والمرعى والخيل والجمل وأنواع النبات ومسمياتها ثم حملت من مقامات علم البديع ثقافة الكلمة والمفردة وتسلحت بقواعد اللغة مفرداتها وجملها بين يدي علماء البيان والنحو والصرف في الأربطة العلمية ونهلت من دواوين الشعراء المبدعين من المشاهير ملوك المفردات والجمل في كل الأغراض وتذوقت القصيدة العربية الفصيحة بكل بحورها العروضية
ولكني أيضا أعترف بفضل القصيدة والمشاعر الوجدانية الصوفية في العصور الوسطى فهي أعذب المناهل وأرق المشاعر وكنوز العواطف وكلها حب ومناجاة ومنح الله كوكبة من أولئك الشعراء من أقطار عدة روحانية المعنى وسحرية اللفظ وبديع الصور فغصتُ مع تلك النصوص الرقيقة وشربتُ من مواردها العذبة وربانية المناجاة ما جعلني أشعر أني شربت من معينها كأسًا من الشعر والشعور٠
لكن سؤالك عن ماذا اقرأ حاليا فنعم حاليا أتابع رواية إنجليزية مثيرة صارت أشهر رواية عالمية ربما تصل أو تتجاوز رواية قصة مدينتين لتشارلز ديكتز
ورواية أخرى شهيرة وتجري أحداثها خلال الثورة الفرنسية لكني ندمت على وقتي معها
بعد ظهور الرواية العالمية المعاصرة الأشهر والأمتع لمختلف الأعمار والأفلام هي هاري بوتر للكاتبة البريطانية ج. ك. رولينج اخترقت أرقام الانتشار والإعجاب عالمياً والدخل المالي التي قد تبلغ تتجاوز بانتشارها رواية الأمير الصغير القصيرة التي ترجمت ب 160 لغة
ولكني أحببت هاري بوتر فهي جديرة بالقراءة في بعض أوقاتي٠
وفي ختام اللقاء قال
أحييك من القلب د٠” لطيفة فأنت تخترقني الذكريات بلطف وشهية إبداع وفي ظل تنوع الظروف التي تمر بنا ونمر بها …فلكِ كل الشكر الجزيل
ومن خلالك أوصي الجيل المعاصر ومن بعده بعدم هجر الكتاب والصفحات وعدم الاكتفاء ثقافياً بالدوائر الصوتية فقط فالقلم والحبر والورق ومجالس الأسمار والاستماع للثقافة السماعية وادخار الكتب المطبوعة هي جامعة العلوم الخالدة عبر العصور فالمكتبة يَنبوع المعرفة والثقافة منذ ألهم الله الإنسان بالقلم والحروف
وكم ساعات في اليوم والليلة للقراءة تعني كم مسافات تقطع في طريق المعرفة مع حسن اختيار الكتاب والكاتب”٠

زر الذهاب إلى الأعلى