ثقافةدنيا ودينمقالات

“ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا” المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

 متابعة /ناصف ناصف

لقد عانَت المُجتمعات في هذا العصر من غيابِ الضمير الحيِّ الواعِي… تلك القوة الداخلية التي تدفع الإنسانَ لفعل الخير، وتردعُه عن فعل الشر. ، ذلكم الضميرُ الذي عوَّدَهم في غابرِ الأزمان أنه إذا استغاثَ من بالشمال لامسَت استِغاثتُه أسماعَ من بالجَنوب. والضمير هو قدرتنا على المعرفة والتمييز فيما إذا كانت أعمالنا خطأً أم صواباً أو معرفة الحق من الباطل. فكلمة الضمير جارية على لسان المسلم و الكافر، و البر والفاجر، و الرجل والمرأة ، نرى صادقاً أو أميناً فنصفه بأنه إنسان ذو ضمير , ونسمع بمن يغش أو يسيئ معاملة الناس , فنقول : عديم الضمير وكأنه متى وجد الضمير فقد وجدت الخيرات و البركات ,وجدت الإنسانية , ومتى غاب الضمير أو مات كان الخراب و الدمار . وهذه سبب حالة التردي في كل مناحي الحياة وأصبح من يعمل بحرص علي عمله هو الاستثناء أنها قضية انعدام الضمير التي جعلت بعض الأفراد يضع يده في جيب الآخر ويستحل ما يأخذه منه ، فالفساد أدي الي انهيار أخلاقي وساعد علي انتشار حاله انعدام الضمير تحت مسميات ( شطارة وفهلوة وجدعنة وحرفنة) وغيرها من المصطلحات التي تحلل الحرام وتحرم الحلال. ولقد أودع الله في مدارك الأفكار، وفي مشاعر الوجدان ما تدرك به فضائل الأخلاق ورذائلها، وهذا ما يجعل الناس يشعرون بقبح العمل القبيح، وينفرون منه، ويشعرون بحسن العمل الحسن، ويرتاحون إليه، وبذلك يمدحون فاعل الخير ويذمون فاعل الشر، لقد أرشدت النصوص الإسلامية إلى وجود الحس الأخلاقي في الضمائر الإنسانية، وأحالت المؤمن إلى استفتاء قلبه في الحكم على أي سلوك قد تميل النفس إليه. لقوله تعالى: “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (😎 قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا” سورة الشمس – والشريعة الإسلامية تعتبر الضمير حاسة فطرية يرى بها الإنسان صواب الأمر من خطئه ولذلك يقول صلوات الله عليه وسلامه لوابصة بن معبد وقد ذهب إليه يسأله عن البر والإثم: جئت تسأل عن البر؟ قال: نعم. قال صلوات الله عليه: (البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك). نريد أن نستعيد حالة الخوف الحقيقية من الله وعلي هذا الوطن الكل يعمل ويؤدي عمله بضمير وليس علي (قدر فلوسهم) . فحين يموت الضمير يُصبِح كل شيء مباح : كلام الزور ، الخيانة، اغتيال الشخصية ، تهون الأوطان ، يُزيف التاريخ ، تتبدل الحقائق ، تظهر الإنسانية كلمة لا معنى لها و لا رديف، تتعطل إنسانية الفرد وتفقد حواسه قيمتها، فلو أقدم صاحب الضمير الميت على كل موبقة وارتكب كل خطيئة واقترف كل إثم ما طرفت له عين ولا تحرك له فؤاد ولا أحس بندم ولذا كان مثله وبالاً على نفسه وخطراً على مجتمعه. لابد أن نعود إلى ما فطرنا الله عليه والضمير يواكِب الفِطرة، ، فالمعاني الطيِّبة التي تنطوي عليها كلمةُ الضمائر، لا تخرُج عمَّا جاءَ في كتابِ الله وفي سُنة رسولِنا الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم . أ.د / مفيدة إبراهيم علي – عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى