عاجل

قــراءة في فـقــه الطهارة 3

قــراءة في فـقــه الطهارة 3

للاستاذ الدكتور علاءالحمزاوى الاستاذ بجامعة المنيا

 

متابعة: ناصف ناصف

ــ ذكرنا أن الطهارة تكون بشيئين: بالماء وضوءا وغسلا وبالتراب تيمما، وقد تحدثنا عن أحكام الوضوء، أما الغُسل فهو تعميم الجسد بالماء مع التدليك مسبوقا بالنية، ويُسنُّ له الوضوء أولا ثم غسل الشعر كاملا ثم غسل سائر الجسد، والبدء بالأعضاء اليمنى، والغسل يغني عن الوضوء في أداء العبادة. 

ــ وموجبات الغسل ستة: إنزال المني بشهوة أو بغير شهوة، والجماع بإنزال أو بغير إنزال، والحيض والنفاس للمرأة، والدخول في الإسلام، والموت، وهو واجب على الأحياء للميت، وهناك أمور يستحب لها الغسل: صلاةُ الجمعة والعيدين والكسوف والاستسقاء والإحرام وانقطاع دم الاستحاضة، وتغسيل الميت (للمغسِّل}.

ــ التيمُّم لغة التعمُّد والقصد، يقال: تيمَّم فعل كذا أي تعمّده وقصده، وتَيَمَّموا صعيدا طيِّبا أي تعمدوا أن يمسوا ترابا طاهرا، ومن ثَـمّ فالتيمم شرعا هو تعمّد استعمال التراب في التطهر بديلا للماء وهو من خصائص الأمة المحمدية؛ حيث جعل الله لهم الأرض مسجدا وطهورا، فهو من نعم الله على الأمة شرعه الله تخفيفا لهم ورحمة بهم ما يوجب عليهم الشكر لله، قال تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ .. فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، ولا يُستعمَل التيمم إلا إذا تعذّر استعمال الماء لأي سبب كعدم وجود الماء أو يكون للشرب فقط أو برودة الجـو أو مرض الإنسان.

ــ وللتيمم ركنان هما مسح الوجه ومسح الكفين من الظاهر والباطن، وكيفيته أن يضرب المتيمم ببطن يديه على التراب ثم يمسح بيديه وجهه كاملا ثم يمسح بيده اليسرى يدَه اليمنى ثم يمسح بيده اليمنى يده اليسرى، ويُستحب المسح إلى المرفقين، ومن السُّنة التسمية والتثنية والتشهد والدعاء، ويشترط للتيمم النية ودخول الوقت وتعذر استعمال الماء، ولكل فرض بنوافله تيمُّم، فلا يجوز أن يصلي المسلم فرضين بتيمم واحد إلا إذا صلى قضاءً أو جمعا، والتيمم يغني عن الوضوء والغسل معا، لكنه لا يرفع الحدث الأكبر، فلم يُسقِط الغسل عن الجُنُب، بمعنى أن المسلم إذا كان جنبا فتعذر عليه استعمال الماء تيمَّم وصلى، فإذا تيسر له استعمال الماء وجب عليه الغسل، وتوقف العلماء عند من تيمَّم وصلى ثم تيسَّر له الماء قبل فوات الوقت هل يعيد الصلاة أو لا؟ ورد في الحديث أنه “خرجَ رجلانِ في سفَرٍ، وحضرتِ الصَّلاةُ وليسَ معَهُما ماءٌ، فتيمَّما فصلَّيا، ثمَّ وُجِدَ الماءُ في الوقت، فأعادَ أحدُهُما الصَّلاةَ ولم يُعِــدِ الآخرُ، ثمَّ أتَيا رسولَ اللَّهِ فذكرا ذلِك له، فقالَ النبي للَّذي لم يُعِــدْ: أصبتَ السُّنَّةَ وأجزأتكَ صلاتُكَ، وقالَ للَّذي تَوضَّأ وأعادَ: لَكَ الأجرُ مرَّتَينِ”، فكان النبي نعم المعلم والمرشد إلى الحق والخير؛ فاستنبط العلماء من ذلك إعادة الصلاة غير واجبة لكنها مستحبة.

ــ آيـة {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا..} أثارت إشكالات كثيرة وطرحت أسئلة عديدة، فهي خالفت في ظاهرها سنة النبي، وهي مع أنها ذكرت أحكام الوضوء والغسل سُميت بآية التيمم فلماذا؟ وهل أوجبت الطهارة لكل صلاة؟ وكيف وفق العلماء بينها وبين فعل النبي؟ وماذا فيها من إشكالات؟ للحديث بقية.

زر الذهاب إلى الأعلى