مقالات

ما يؤدي الي الإفراط أو التفريط ( رواية خيوط العنكبوت )

بقلم / الكاتب عبدالحميد أبو الصافي

ليس اليتيم فقط من مات أحد أبويه… و لكنه أيضًا من ماتت مشاعر أبويه… و ماتت مشاعر مجتمعه من حوله. فجفت قلوبهم فصارت قاسية كالحجارة أو أشد قسوة.
دخل ذات يوم الأقرع بن حابس على نبى الله صلى الله عليه وسلم فأبصره يقبل الحسن و الحسين و كان رجلاً شديداً قاسياً، فقال: أتقبلون أولادكم؟!! والله أن لي عشرة من الولد ما قبلت وأحدًا منهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أملك لك أن نُزعَت الرحمة من قلبك؟!، أنه من لا يَرحم لا يُرحم.
و يشترك أربع فى ذاك الشعور:
اليتيم الذي مات أبوه وما زالت أمه على قيد الحياة، وبين اللطيم الذي مات كلا أبويه و اللقيط الذي تخلى عنه والداه و الولد الذى إنشغلا عنه والداه.
و اليتيم إصطلاحاً: هو مَن فقَد أباه أو أمه وهو صغير.
وكم لفَقْد الوالدين أو أحدهما من لوعة في النفس، ووَحْشة في الحياة، لا يُطيقها الصغير، فلا زال قلبه طريًّا يتأثَّر لهذا الفَقْد، ولا زال جسمه صغيرًا لا يتحمَّل مشاقَّ الحياة ومعاناتها.
فما ظنُّكم أيها المؤمنون بمن يَصدق عليه مسمَّى اليتيم وهو يعيش بين والديه، هو يتيم مع أنه يرى والده كلَّ يوم، هو يتيم ولا زالت أمه تعيش معه، هو يتيم في منزل أبويه، يتيم وإن أكَل من كَسْب والده، هو يتيم وإن تناوَل من طبخِ والدته، يتيم لا يُلقي له الناس بالاً، ولا يرونه محلاًّ للشفقة والحنان، يتيم لا يُؤْبَه له ولا يُرْفَع له رأس، فالناس يرونه بين والديه، فلا يَنطبق عليه مفهوم اليتيم في عُرفهم.
أجاب الشاعر ذلك حين قال:
لَيْسَ الْيَتِيمُ الَّذِي قَدْ مَاتَ وَالِدُهُ
إِنَّ اليَتِيمَ يَتِيمُ الْعِلْمِ وَالأَدَبِ
و عناه آخر بقوله:
لَيْسَ الْيَتِيمُ مَنِ انْتَهَى أَبَوَاهُ مِنْ
هَمِّ الْحَيَاةِ وَخَلَّفَاهُ ذَلِيلا
إِنَّ الْيَتِيمَ هُوَ الَّذِي تَلْقَى لَهُ
أُمًّا تَخَلَّتْ أو أَبًا مَشْغُولا
كم طفل نشَأ بين والكم طفل نشَأ بين والديه، لَم يستفد منهما غير الطعام والشراب! كم طفل تربَّى في غير أحضان والديه! كم طفل تولَّى تربيته الشارع بخيره وشرِّه! كم طفل أهمَله والداه، فشبَّ على العقوق والقطيعة! كم صغير عقَّه والداه صغيرًا، فجَنَيَا النتيجة منه وهو كبير! كم وَلَد عاق سبَقه أبوه بالعقوق في حقِّه، حين لَم يتولَّ تربيته وتعليمه وحِفظه! كم والد لا يدري أين يدرس ابنه! كم والد لا يعرف أحدًا من معلمي ولده! كم والد لا يبالي مع مَن ذهَب ابنه! كم والد كان همُّه منصبًّا على تغذية أولاده بالطعام والشراب، وتأمين الملبس والترفيه، وغفَل عن تغذية الرُّوح وسلامة القلب!
كم أم انشَغَلت بوظيفتها وزياراتها عن تربية أولادها! كم من والدة وكَّلت أمر التربية للعاملة المنزليَّة، فتحوَّلت بقدرة قادر من خادمة إلى أمٍّ بالوكالة!
وليد نموذج حي لهذه الامثله فهو تربي بين احضان ليست من دمه ولكنها اهتمت بيه بينما أصدقائه رزقهم الله ابوين دون تربيه مسبقي فالتربيه علم له اسس وله قواعد وضوابط وضعها علماء. بحث جده عبدالحكيم كثيرًا في فهذا العلم ووضع من خلاله منظومة نمطية خطه محكمة لتربية وليد ولكنه نسي في هذه الخطة اهم عنصر وهما الوالدين فدورهم مهم للغايه وان كانت الظروف قد حالت دون الوصول لهما فكونه لم يخبر وليد بحقيقة الامر فهذا سلاح ذو حدين احدهم في صدر وليد لكونه صدم في واقعه والآخر في صدر عبدالحكيم نفسه اذا اساء وليد التصرف.
أما عن قواعد التربيه فهناك عدة أسئلة في عقل وليد الان يبحث لهم عن أجابات
أيهما أكثر تأثيرآفي مستقبل النشء التربية المنزلية أم تربية الشارع؟
ماذا لو لم يعثر عليه جده عبدالحكيم كيف كانت ستسير الأمور؟
ماذا لو تربي بين أمه وأبيه ؟
كيف يصل إلى حقيقة الامر ؟؟
بدأ يقرأ في كتب التربيه دون أن يشعر جده بما عرف لكي يعرف ماعاناه جده من أجله.
أيهما أكثر تأثيراً في مستقبل النشء! التربية المنزلية أم تربية الشارع، من حيث اكتساب العادات الاجتماعية والسلوكية ونمو الشخصية واكتمال القدرات العقلية؟ بالطبع لكل من هذين العاملين تأثيره الكبير في تكوين النشء، فالأسرة تمنحه عادات وتوجه سلوكه في المستقبل وتمنحه الكثير من طباعها الهادئة والجدية أو العصبية والانفعالية ومما تختزنه في تكوينها لأن الطفل مقلد بالطبع ويحلو له تقليد الكبار ولا سيما والديه وأخوته الكبار، وللشارع تأثيره القوي الذي لا يمكن تجاهله سلباً أو ايجاباً!!
يمثل الشارع قوة تربوية مؤثرة لها إيجابياتها وسلبياتها؛ حسناتها أو سيئاتها. فالقوة الايجابية هي أن الولد يحب الشارع ويهرب إليه تاركاً وراءه أما تصخب وأباً يغضب. إذ يستهويه الشارع لأنه يجد فيه رفاقاً من سنه يتفاهم ويتجاوب معهم في كثير من النواحي فضلاً عن الانسجام في اللعب والحديث. فالمستوى العقلي متقارب أو حتى واحد والرغبات والميول واحدة. فتراه يعطي ويأخذ ويقلد رفاقه في بعض سلوكياته فيكتسب منهم روح الجماعة ويخرج من انعزاليته أن كان من الخجولين ويتعلم الصراحة في الحديث وعدم الخجل ويكتسب أثناء اللعب كثيرًا من الخبرات الجسمية والعقلية فتصقل نفسه وتتحلى بروح الجماعة فيعتاد على التسامح والتضامن والغيرية
ويتعرف على الحياة ويعتاد على المشاركة في أعمال المجموعات من الأطفال.
ولقد ألح العالم السوىسري (كلاباريد) على أثر اللعب ضمن مجموعات الأولاد في تربية قواهم العقلية والنفسية والخلقية، وأدخل أكثر المربين فعالية اللعب في تربية الحواس: الأجهزة الأساسية والهامة في ايصال الولد إلى الادراك المجرد ومعرفة حوادث الكون والعلاقات الإنسانية مع بعضها الآخر. وهذه الفعالية يجب أن تتم على شكل جماعات عمل كما هو الأمر في مدرسة (دوروش) الفرنسية المشهورة.
وكان (روسو) أيضًا قد أولى اللعب أكبر الأهمية في التربية، وهذا ما يلح عليه (مكارنكو ـ الاتحاد السوفييتي سابقاً). إذ أن اللعب أساس في تربية الطفل ـ الولد، والشارع يسمح له باللعب الكثير حتى يعرق جسمه وتنهك قواه، كما يسمح له أيضًا بالحرية في تصرفاته مما يتيح لشخصيته فرصة التكوين والظهور بشكل بارز.
أما من الناحية السلبية، ففي مجتمع كمجتمعنا لا يمكن ضمان المكتسب…

المكتسبات الايجابية التي تحدثنا عنها فهناك من أخذ عن ذويه حب الذات والأنانية والكذب فلا يتصرف إلا ضمن هذه النقائص الخلقية فيقتدي به الطفل المتسم بالصدق. وقد قيل قديماً في الأمثال: (إن القرين بالمقارن يقتدي)، ثم هناك النواحي الاخلاقية من انحرافات جنسية والميل لتكوين العصابات التي تسرق وترتكب أخطاء لا يقرها المجتمع مقلدين بذلك ما يشاهدونه في السينما أو التلفزيون أو ما يطالعونه من كتب مسيئة.
ويعتاد الولد على الفوضى فلا يمتثل لنصح والديه ولا يلبي لهما طلباً لأنهما يمثلان القوة المقيدة للحرية أثمن سلوك يرغب فيه الولد ويجده في الشارع فقط، إذ في المنزل تقيد التصرفات، فالتربية المنزلية في السن المبكرة للولد يجب أن تنحصر في الوالدين وفي رياض الأطفال فهنا الحنان وتلبية الرغبات والصحة والنظافة وتمرين مبدئي للحياة المقبلة. والحقيقة أن البيئة المنزلية السليمة لا تعوض بأية بيئة أخرى ولا سيما إذا كان جو المنزل يسوده التفاهم بين الأبوين وتزينه روح الحب والعطف والحنان وتزيده جمالاً موهبة فنية أو أدبية أو علمية يتمتع بها أحد الوالدين فيكون خير قدوة لولد يفتح عينيه على مواهب قد لا تتوفر لغيره من أترابه، ويقتبس منذ نعومة أظفاره ركائز قوية في تكوين شخصيته وثقافته وفي اتجاه معارفه.. وكم من أديب أو شاعر أو فنان يستند نجاحه وشهرته إلى تأثير والديه أو أحدهما في توجيهه منذ الصغر.
أما ما ذكرناه من حسنات الشارع وفضائله ـ أن جاز التعبير ـ فيمكن الحصول عليها في المؤسسات الخاصة بالأطفال حيث تتم فيها تربية الأطفال تربية تامة في جو لطيف ومريح.
وهذا يقودنا إلى ضرورة الاهتمام بتحضير قادة تربويين ـ مدربين ومشرفين ومربين ـ تحضيراً تربوياً وسلوكياً يسمح لهم بالحفاظ على الأمانة الغالية التي وضعها الوطن والأهل بين أيديهم من أجل تربية الجيل التربية التي نتمناها والتي تحقق الأهداف المرجوة وتعطي الثمار المنتظرة.
العائلة هي أول عالم اجتماعي يواجهه الطفل، والأسرة لها دور كبير في التنشيءة الاجتماعية، ولكنها ليست الوحيدة في آداء هذا الدور ولكن هناك الحضانة والمدرسة ووسائل الإعلام والمؤسسات المختلفة التي أخذت هذه الوظيفة من الأسرة؛ لذلك تعددت العوامل التي كان لها دور كبير في التنشيءة الاجتماعية سواء كانت عوامل داخلية أم خارجية

هنالك عوامل اجتماعية، الثروة، والدخل تملك أقوى تأثير على
أساليب تربية الأطفال وتستخدم من قبل والديهم أن التربية من أهَم المهام
المنوطة بالوالِدَين وأخطرها. ومع لما فيها من صعوبات وتعقيدات ومشاكل.
إنّ مجموع العوامل الخارجية التي تحيط بالإنسان، والتي تؤثِّر بشكل مباشر أو غير مباشر في تربيته، تُسمّى المحيط، وأهمّ هذه العوامل المحيطة:
العوامل الداخلية
الدين: يؤثر الدين بصورة كبيرة في عملية التنشيءة الاجتماعية وذلك بسبب اختلاف الأديان والطباع التي تنبع من كل دين؛ فعلى سبيل المثال يحرص الإسلام على تنشيءة أفراده بالقرآن والسنة.
الأسرة: هي الوحدة الاجتماعية التي تهدف إلى المحافظة على النوع الإنساني؛ فهي أول ما يقابل الإنسان، وهي التي تسهم بشكل أساسي في تكوين شخصية الطفل من خلال التفاعل والعلاقات بين الأفراد؛ لذلك فهي أولى العوامل المؤثرة في التنشيءة الاجتماعية، ويؤثر حجم الأسرة في عملية التنشيءة الاجتماعية ولاسيما في أساليب ممارستها حيث أن تناقص حجم الأسرة يعد عاملاً من عوامل زيادة الرعاية المبذولة للطفل.
نوع العلاقات الأسرية: تؤثر العلاقات الأسرية في عملية التنشيءة الاجتماعية حيث أن السعادة الزوجية تؤدي إلى تماسك الأسرة، مما يخلق جواً يساعد على نمو الطفل بطريقة متكاملة.

العوامل الخارجية
المؤسسات التعليمية: وتتمثل في دور الحضانة والمدارسوالجامعات ومراكزالتأهيل المختلفة.المدرسة كالعائلة أيضًا هي عاملٌ مهمٌّ على صعيد تربية الأطفال والأحدًاث، على الصعيد الجسدي والروحي. وتتكوَّن البيئة المدرسيّة من عناصر مختلفةٍ؛ من المعلّم، إلى المدير والناظر والمسؤول التربويّ والموظّفين والأصدقاء، والزملاء في الصفّ، وغيرهم بحيث يمكن أن يساهموا جميعهم أو بعضهم في تشكيل شخصي الطِّفل، وفي رسم معالم منظومته الفكرية والسلوكية. وربّما اتّخذ الطِّفل أيضًا أحد هذه العناصر قدوة وأسوة له في الحياة. ويُعدّ دور المعلّم في بناء البعد الأخلاقيّ أو هدمه عند الأولاد مهمّاً. فالمعلّم، وبسبب نفوذه المعنويّ، فهم يتأثّرون بشدّة بكافّة الحركات والسكنات والإشارات، وحتى الألفاظ التي يستخدمها المعلّم أثناء قيامه بوظيفته التعليميّة.

الرفاق والاصدقاء:
حيث الأصدقاء من المدرسة أو الجامعة أو النادي أو الجيران وقاطني المكان نفسه وجماعات الفكر والعقيدة والتنظيمات المختلفة.
دور العبادة:
مثل المساجد والكنائس وغيرها، فإنّ الأجواء الدينيّة والمعنويّة الحاكمة على دور العبادة لها تأثير كبير في غرس النواة الأولى للتوجّهات الإيمانيّة والدينيّة في نفوس الأطفال والأحدًاث؛ كالمراسم الدينية، وجلسات الدعاء، وصلاة الجماعة، وأمثالها، التي توفّر الأرضية اللازمة للتربية الدينيّة والأخلاقيّة والإقبال نحو المعارف الدينية كالإسلاميّة. كأن يؤدّي تواجد الشيوخ والمربّين مع الطلّاب في جلسات ومراسم كهذه إلى زيادة نسبة التأثّر والتأثير.
ثقافة المجتمع:
لكل مجتمع ثقافته الخاصة المميزة له والتي تكون لها صلة وثيقة بشخصيات من يحتضنه من الأفراد؛ لذلك فثقافة المجتمع تؤثر بشكل أساسي في التنشيءة وفي صنع الشخصية القومية.
الوضع السياسي والاقتصادي للمجتمع: حيث أنه كلما كان المجتمع أكثر هدوءاً واستقراراً ولديه الكفاية الاقتصادية أسهم ذلك بشكل إيجابي في التنشيءة الاجتماعية، وكلما اكتنفته الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي كان العكس هو الصحيح.
وسائل الإعلام:
ومن آثاره الغزو الثقافي الذي يتعرض له الأطفال من خلال وسائل الإعلام
المختلفة ولاسيما التليفزيون، حيث يقوم بتشويه العديد من القيم التي اكتسبها
الأطفال فضلاً عن تعليمهم العديد من القيم الآخرى الدخيلة على الثقافة
وانتهاء عصر جدًات زمان وحكاياتهن المفيدة الي عصر الرسوم المتحركة والمهرجانات

انتظرونا فى جزء جديد نستكمل بيه المقال

زر الذهاب إلى الأعلى