مقالات

صديق للبيع..بكم تبيع صاحبك؟ بقلم: محمود السنكري 

بقلم: محمود السنكري

صديق للبيع .. بكم تبيع صديقك؟ هذا العنوان يبدو مثيرًا للاهتمام وربما صادمًا أيضًا. فكرة بيع صديقك قد تبدو غريبة وغير أخلاقية في البداية، ولكنها تعكس واقعًا سلبيًا يتعامل معه الكثيرون يوميًا.

في هذا العصر الحديث، أصبح للصداقات قيمة تجارية. يتعامل الناس مع الصداقات على أنها سلعة يمكن شراؤها وبيعها، ويعيشون في ثقافة تعتبر العلاقات الشخصية لاشيء سوى وسيلة للحصول على المصالح الشخصية.

إنها ثقافة حيث الحصول على النجاح والقوة يعتبران الأولوية، ولذلك يتجاهل الناس قيمة الصداقات الحقيقية ويتعاملون بها على أنها وسيلة للوصول إلى هذه المكاسب الشخصية.

قد يظن بعض الأشخاص أنه من السهل بيع صديقهم مقابل مادة مالية. ولكن يجب أن يتذكروا أن الصداقة هي علاقة قائمة على الثقة والمشاركة والتضحية، وهذه العلاقة ليست قابلة للتجزئة أو للبيع. فمقدار جهد ووقت ومشاعر تم استثمارها في هذه الصداقة لا يمكن استعادتها ببساطة من خلال بيعها.

قد يرى البعض أن هناك صديقًا يستحق البيع، فهو ربما يسبب المتاعب والأذى. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أننا ببساطة لا نحتاج إلى بيع هذا الصديق، بل نحتاج فقط إلى اتخاذ قرار بإنهاء هذه الصداقة والابتعاد عن الشريك السلبي.

بيع الصداقة يعكس انحدار القيم الاجتماعية والأخلاقية في مجتمعنا. إنها تشرع الانتهاكات الأخلاقية وتوجه الناس باتجاه الانانية والتلاعب. إنها ثقافة يجب أن نقاومها ونعمل على تعزيز المبادئ الأخلاقية وقيم الصداقة الحقيقية.

سمعت مرةً أحد كبار السن يروي مثلاً على شكل حوار بين شخصين :

قال الأول : بكم بعت صاحبك ؟؟؟

 فرد عليه الآخر: بعته بتسعين زلة.

فقال الأول : ( أرخصته) !!

تأملت هذا المثل كثيرا،،،

فذهلت من ذلك الصديق الذي غفر لصديقه تسعة و ثمانين زلة ، ثم بعد زلته التسعين تخلى عن صداقته !!

و عجبت أكثر من الشخص الآخر الذي لامه على بيع صاحبه بتسعين زلة و كأنه يقول تحمل أكثر !! فالتسعون زلة ليس ثمنا مناسبا لصاحبك لقد أرخصت قيمته !!

ترى كم يساوي صاحبي أو صاحبك من الزلات ؟!

بل كم يساوي إذا كان قريبا أو صهراً أو أختا أو أخاً أو زوجاً أوزوجة ؟!!!!

بكم زلة قد يبيع أحدنا أمه أو أباه ؟؟ بكم ؟!

إن من يتأمل واقعنا اليوم و يعرف القليل من أحوال الناس في المجتمع و القطيعة التي دبّت في أوساط الناس ،،

سيجد من باع صاحبه أو قريبه أو حتى أحد والديه بزلة واحدة ،،

بل هناك من باع كل ذلك بلاذنب سوى أنه أساء الظن أو أطاع نماماً كذابا..

إن القيمة الحقيقية لأي شخص تربطك به علاقة لن تشعر بها إلا في حالة فقدانك له بالوفاة ،،،

فلا تبع علاقاتك بأي عدد من الزلات مهما كثرت.

و تذكر قوله تعالى:

(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )

لا جدوى من قبلة اعتذار على جبين ميت غادر الحياة ،،، استلطفوا بعضكم البعض وأنتم أحياء ، امحِ الخطأ لتستمر المحبة ولا تمح الصداقة والمحبة من أجل الخطأ…

وبالنهاية، تذكر أن الصداقة هي أكثر من مجرد علاقة بين شخصين. إنها علاقة بناءة وتعاونية تستند إلى الثقة والاحترام المتبادل والمساعدة والدعم.

صديق حقيقي يعتبر كنزًا لا يقدر بثمن، ولن يكون له سعر في العالم التجاري. لذلك، دعنا نقتنع بأن المحبة والصداقة ليست للبيع، بل هي علاقة قوية وقيمة يجب أن نحافظ عليها ونعتز بها.

زر الذهاب إلى الأعلى