ثقافةدنيا ودينمقالات

 رحلة الإسراء والمعراج والدروس المستفادة 

للأستاذة الدكتورة شمس راغب الاستاذ بجامعة طنطا

متابعة/ ناصف ناصف

قال تعالى : ” سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ” الإسراء مكية آية ١ .

• وقال تعالى :” وذكرهم بأيام الله إن في لآيات لكل صبار شكور”

سورة إبراهيم مكية من الآية ٥ . أيام الله – بلاؤه ونعماؤه .تفسير القرطبي .

• يقول أمير الشعراء شوقي :

• يا أيها المسرى به شرفا إلى

ما لا تنال الشمس والجوزاء

• يتساءلون وأنت أطهر هيكل

بالروح أم بالهيكل الإسراء

• بهما سموت مطهرين كلاهما

نور وروحانية وبهاء

• والرسل دون العرش لم يؤذن لهم

حاشا لغيرك موعد ولقاء

• في هذه الظروف الصعبة والمحن المتلاحقة ، وبعد أن ضاقت

به الأرض اتسعت له أفق السماء ، وجاءت معجزة الإسراء والمعراج

تثبيتا له ومواساة وتكريما ؛ وليكون بذلك منحة ربانية تمسح

الأحزان ومتاعب الماضي ، وتنقله إلى عالم أرحب وأفق أقدس

وأطهر إلى حيث سدرة المنتهى ، والقرب من عرش الرحمن .

• نعم كانت رحلة الإسراء والمعراج تطمينا للنبي – صلى الله عليه وسلم – وربطا لقلبه ، ولإعلامه أنه خاتم النبيين وإمام المرسلين .

• الإسراء والمعراج في القرآن الكريم :

• هل فرضت الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج ؟

الصلاة فرضت في مكة قبل الإسراء والمعراج ، وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقوم الليل حتى ترم قدماه وقد أمره

الله تعالى بهذا في سورة المزمل ، وهي من أول مانزل من القرآن الكريم ، أما الذي فرض ليلة الإسراء فهو الصلوات الخمس

في اليوم والليلة ، لا الصلاة نفسها .

• شاء الله تعالى الذي لا راد لمشيئته سبحانه القادر الذي لا يعجزه

شيء أن يمن على رسول الله وحبيبه ومصطفاه برحلة مباركة

طيبة هي الإسراء والمعراج .

•والإسراء رحلة أرضية تمت بقدرة الله وعظمته لرسوله من مكة

إلى بيت المقدس ، أما المعراج : فهي رحلة سماوية تمت بقدرة

لرسول الله من بيت المقدس إلى السماوات العلا ثم إلى سدرة

المنتهى ثم اللقاء بديع السماوات والأرض ” جل في علاه ” .

• والإسراء والمعراج كان بالجسد والروح معا واستدل العلماء

على ذلك بما جاء في القرآن الكريم : ” سبحان الذي أسرى بعبده “

والتسبيح هو تنزيه الله تعالى عن النقص والعجز وهذا لا يتأذى

إلا بالعظائم ولوكان الأمر مناما لما كان مستعظما ثم بقوله :

” بعبده ” والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح .

• والله – تعالى – أنزل عبدين من عباده من السماء إلى الأرض

ورفع عبدا من عبيده من الأرض إلى السماء ، أنزل آدم وزوجه

قال تعالى : – قلنا اهبطوا منها جميعا – البقرة من الآية ٣٨ .

• ورفع سيدنا عيسى – عليه السلام – قال تعالى – : إذ قال الله

يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي – آل عمران من الآية ٥٥

فكيف تستكثر على رسول أن يعرج به مولاه .

• والإنسان المؤمن يقرأ في كتاب الله أن الله تعالى وهب عبدا

من عباده القدرة على نقل عرش ملكة سبأ من جنوب اليمن

إلى أرض فلسطين في غمضة عين . قال تعالى على لسان سيدنا

سليمان – عليه السلام – يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرفها قبل

أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا أتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي آمين – سورة النمل مكية ٣٨،٣٩ .

• – قال الذي عنده علم الكتاب أنا أتيك به قبل أن يرتد إليك

طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني

أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي

غني كريم – النمل : ٤٠ – ٣٨ .

• فإذا كانت هذه قدرة عبد فكيف بخالقه ، وإذا كانت هذه إمكانية موهوب ، فكيف بالواهب – عز و جل –

• إن من الحقائق العلمية أن القوة تتناسب تناسبا عكسيا مع الزمن

فكلما زادت القوة قل الزمن فكيف إذا كانت القوة هنا هي قوة

الله تعالى؟ لذا جاء في بعض الروايات أن النبي أسرى به وعرج

به وعاد وفراشه لم يزل دافئا .

• ما الدروس المستفادة من حادثة الإسراء والمعراج ؟

• تعويض الله تعالى للنبي – صلى الله عليه وسلم – لصد الناس

عنه ، وخاصة أن الإسراء والمعراج كان بعد أذى أهل الطائف له

ومنعه من دخول المسجد الحرام إلا بجوار مطعم بن عدي فعوضه

الله تعالى بفتح أبواب السماء له وترحيب أهلها به .

• مواساة من الله – تعالى – لنبيه عليه الصلاة والسلام بعد وفاة

زوجته خديجة – رضي الله عنها – وعمه أبي طالب فأكرمه

برؤية آيات من ربه وأمور أخرى .

• درس لكل صاحب هم لكل صاحب قلب مكلوم ألا يلتفت قلبه

إلا إلى الله . رسول الله رجل واحد يحمل هم الدنيا كلها ، رجل

واحد يحمل أمانة تنوء بها الجبال .

• درس في النبوات ، صلاة النبي بالأنبياء إماما له دلالتان هما

: وحدة الأنبياء في دعوتهم فالكل جاء بالتوحيد الخالص من

عند الله ، الأنبياء إخوة ودينهم واحد . قال تعالى -: وما أرسلنا

من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون –

سورة الأنبياء : مكية ٢٥ .

• صلاة النبي بالأنبياء إماما لها دليل ولها دلالة أن النبوة والرسالة

قد انقطعت فلا نبوة بعد رسول الله ولا رسالة ، قال تعالى:

– ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم

النبيين – سورة الأحزاب : مدنية الآية ٤٠ .

• درس للدعاة إلى الله عاد النبي من رحلته أراد أن يخرج للناس

حتى يبلغهم فتشبثت به أم هانىء بنت أبي طالب تقول له :

– يا رسول الله إني أخشى أن يكذبك قومك ، فقال – : والله

لأحدثنهموه ، سأخبرهم وإن كذبوني – درس للدعاة إلى الله أن

يبلغوا أمانة الله رضي الناس أم غضبوا .

• درس في بناء الرجال والرجال لايمكن أن بناؤهم إلا من خلال

المواقف .

• درس في معية الله لأنبيائه وأوليائه ، طلبت قريش من النبي

أن يصف لها بيت المقدس ورسول الله قد جاءه ليلا ولم يكن

قد رآه من قبل يقول :- فأصابني كرب لم أصب بمثله قط –

أي أن الأمر سيفضح أي النبي سوف يتهم بالكذب ، ولكن حاشا

الله أن يترك أولياءه يقول : فعلى الله لي بيت المقدس فصرت

أنظر إليه بيت المقدس فصرت أنظر إليه وأصفه لهم بابا بابا

وموضعا موضعا . قال تعالى :- إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في

الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد – سورة غافر : مكية الآية ٥١ .

فجلى الله أي فكشف الله .

• درس في الصحوة الإسلامية : تأمل العلماء الربط بين إسراء

النبي من مكة البيت الحرام إلى بيت المقدس فذكروا أن مكة

هي رمز للإسلام لدين الله ، وبيت المقدس هو رمز لحال المسلمين ، فما يجري في تلك الأيام هي علامة صحوة المسلمين

أو غفلتهم ، وجذوة الجهاد التي انطلقت من هناك دليل على أن

أمره الغيرة على مقداستنا الإسلامية ما زال في الأمة ، وبيت

الله لا يتحرر إلا على أيد طاهرة كريمة .

* من المعروف أن أجل الشعر الديني عند أمير الشعراء أحمد شوقي ، فقال في ميميته الرائعة نهج البردة التي عارض بها

قصيدة – البردة الشهيرة للإمام البوصيري .

فوصف شوقي الإسراء والمعراج فقال :

• أسرى بك اللله ليلا إذ ملائكه

والرسل في المسجد الأقصى على قدم

• لما خطرت به التفوا بسيدهم

كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم

• صلى وراءك منهم كل ذي خطر

ومن يفز بحبيب الله يأتمم

• جبت السموات أو مافوقهن بهم

على منورة درية اللجم

• مشيئة الخالق الباريء وصنعته

وقدرة الله فوق الشك والتهم

• حتى بلغت سماء لا يطار لها

على جناح ولا يسعى على قدم

• وقيل كل نبي عند رتبته

ويا محمد هذا العرش فاستلم

• ” سبحانك لا علم لنا إلا ماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم “

وصل اللهم على صاحب الذكرى العطرة سيدنا محمد وعلى آله

وصحبه أجمعين .

——————————– :

راجع القرآن الكريم . وتفسير القرطبي . البداية والنهاية لابن كثير

السيرة لابن هشام . وغيرها من كتب الفقه والسنة والبخاري ومسلم ديوان الشوقيات .

زر الذهاب إلى الأعلى