مقالات

قــــراءة في فـقـــه الزكاة : للاستاذ الدكتور علاء الحمزاوى الاستاذ بجامعة المنيا

قــــراءة في فـقـــه الزكاة : للاستاذ الدكتور علاء الحمزاوى الاستاذ بجامعة المنيا

متابعة ناصف ناصف
أصناف زكاة المال:
ــ الأول: الذهب والفضة إذا تعدَّيا مرحلة الزينة إلى مرحلة الاكتناز (الادخار) للتجارة أو للاستفادة من قيمتهما بشكل مربح، والدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، فهذه الآية تدل على وجوب الزكاة في الذهب والفضة إذا كانا للادخار، ويُشترَط للزكاة فيهما أن يَحُول عليهما الحَوْل أي مرور عام قمري كامل، وأن يتجاوز الذهب خمسة وثمانين جراما ذهبا خالصا، وهو عيار24، فإذا كان الذهب عيار21 فالنصاب المستوجب للزكاة فيه هو سبعة وتسعون جراما فأكثر، وإذا كان الذهب عيار18 فالنصاب المستوجب للزكاة فيه مائة وثلاثة عشر جراما فأكثر، والنصاب المستوجب للزكاة في الفضة ستمائة جرام فأكثر، وقيمة الزكاة فيهما 2.5% يخرجها المزكي نقدا حسب سعر الذهب والفضة وقت إخراج الزكاة.
ــ أما ذهب الحُليّ فاختلف العلماء في زكاته، فأوجب بعضهم الزكاة فيه استنادا إلى أن التزيُّن بالمجوهرات دليل النعمة والتنعُّم، وهو ما يوجب الشكر لله بإخراج زكاته، واستدلوا بعدة أحاديث، منها حديث أسماء بنت يزيد “قالت: دخلتُ أنا وخالتي على رسول الله، وعلينا أَسْوِرَة من ذهب، فقال لنا: أتُعْطِيَان زكاتَه؟ فقلنا: لا، قال: أما تخافان أن يُسوِّركما الله أَسْوِرَة من نار؟ أَدِّيَا زكاته”، وذهب الجمهور إلى أنه لا تجب فيه الزكاة؛ لأنه لم يرد توجيه نبوي بإخراج زكاة الحُليّ، بل جاء في الحديث “ليس في الحلي زكاة”، وقد ضعّف العلماء إسناده لكن قــوَّاه واقع الصحابة في عصر النبوة، فقد كان بعض نسائهم يمتلكن حُليًّا كثيرا من الذهب، ولم يُؤثَر عن أحد منهم أنه أخرج زكاته، فضلا عن أن ذهب الحلي لم يُرصَد للنماء والزيادة، والأصل أن الزكاة شُرِعت في الأموال النامية، والأرجح عندي إخراج زكاة ذهب الحُليِّ إذا تجاوز النصاب مرة واحدة في العمر ولاسيما إذا كانت كمية الذهب زائدة عن المعتاد عُــرفا، وهو الأحوط، بل إذا كان ذهب الحلي للزينة والادخار لبيعه وقت الحاجة تجب فيه الزكاة، أما أصناف الحُليّ الأخرى كاللؤلؤ والمرجان والياقوت وغيرها من الأحجار النفيسة فلا تجب فيها الزكاة لعدم وجود نص يوجب الزكاة فيها، والزكاة تعبُّد، والعبادات توقيفية، لكن إذا كانت للتجارة والتربح فالزكاة في قيمتها المالية.
ــ الثاني: الزروع والثمار، قال تعالى: {كلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}، فهذه الآية توجب الزكاة في الزروع والثمار، فالمراد بـ{حقّه} زكاتُه على الأرجح، وليس في كل الزروع والثمار زكاة، إنما الزكاة فيما يُكال ويوزن ويقتات منه الناس كالقمح والتمر والأرز والزبيب، أما الفاكهة والخضروات فلا زكاة فيها على الأرجح، وإنما تكون الزكاة في قيمتها المالية إذا تحققت شروطها، ولا يُشترَط في زكاة الزروع والثمار مُضِي حــوْل (عام)، إنما هي مرتبطة بالحصاد، ويُشترَط أن تكون كمية المحصول خمسة أَوْسُق فأكثر، والوَسْقُ ستّون صاعا، وبالوزن المعاصر ما يقارب سبعمائة كيلو جرام، فما أقــل من ذلك لا زكاة فيه لقول النبي “ليس فيما دون خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صدقةٌ” أي زكاة.
ــ وإذا كانت الزروع تُسقَى بدون تكلفة فزكاتها العُشر، وإذا كانت تُسقَى بتكلفة فزكاتها نصف العُشر لقول النبي: “فيما سقتِ السماءُ والأنهارُ والعيونُ أو كان عَثَريًّا العُشرُ، وما سُقِي بالنَّضْحِ نِصفُ العُشر”، والعثري هو ما سُقِيَ بالأنهارِ والوِديانِ الجاريةِ دونَ الحاجةِ إلى الآلةِ أو مُؤنة زائدة، وهذا الحديثِ يُبيِّن أنَّ قيمة الزكاة تكون العُشـر فيما سُقي بالمَطَرِ وما سَقَتْه العيونُ والأنهار دون جهد أو تكلفة، وتكون نصف العُشـر في كل زَرْعٍ سُقِيَ بماء مُستخرَج مِن البِئرِ بواسطة الآلـة أو البَعير، وللحديث بقية.

زر الذهاب إلى الأعلى