عاجل

الشريعة الإسلامية

موانع الشرعية للرجوع عن الهبة في الشريعة الإسلامية

انباء الشرق الاوسط الدولية

يباشر الإنسان في حياته أنواعاً مختلفة من التصرفات القوليـة والفعلية تترتب عليها آثار متنوعة بعضها لازم لا يصح الرجوع فيه كالبيع، وبعضها غير لازم لأحد العاقدين كالرهن أو كلاهما كالإعارة والوكالة، إلا أن هناك بعض التصرفات لازم أحيانا وغير لازم أحيانا أخرى كالهبة التي تدل في ابسط معانيها على تمليك مال لآخــر بـــلا عوض، هي باب من أبواب البر والإحسان وهي صفة من صفات الكمال التي وصف الله له بها نفسه قال تعالى: (أَمْ عِندَهُمْ خَزَاتُرَ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ، والمرء إذا باشر فعل الهبة فقد اتصف بصفة من صفات الكما – وان كان هذا القياس الفارز – وابعد نفسه عن الشح قال – الى : (ومَن يُوق شح نَفْسِهِ فَأُولَلِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )

ومن آثاره الاجتماعية إدخال السرور إلى قلب الموهوب لـه، وحصول المودة والمحبة بينهما، وإزالة الضغينة من القلوب قال الفضيل بن عياض (ما استرضي الغضبان، ولا استعطف السلطان ولا سلت السخائم، ولا دفعت المغارم، ولا أستميل المحبوب ولا توقي المحذور بمثل الهدية)

وهي من أعمال البر والفضائل التي ندبت إليها الشرية الغراء ومع هذا فقد يكون الرجوع عنها مشروعاً إذا رأى الواهب أنها لا تحقق الغرض الذي أنشأت من أجله، أو حدث ما يبرر له الرجوع عنها، بل قد يكون الرجوع أولى كما في قوله صلى الله عليه وسلم لبشير هبتــــــــه لولــــــــده النعمان (( فأرجعه )) لمصلحة التسوية بين الأولاد ولمنـــع العــداوة و لبغضاء بسبب التفرقة بينهم، على الرغم من أن النصوص تدل علـــى كراهة الرجوع فيها لقوله (( العائد في هبته كالكلب يعود فـــــي قيئه ) ) وانا – الرجوع – على خلاف الأصل القاضي بالندب إليهـا لأنها سبب من أسباب المودة والتعاون والبر والإحسان.

حكم الرجوع في الهبة

لا خلاف بين الفقهاء في أن الهبة التي يبتغى بها ثواب الآخرة لا يجوز الرجوع فيها للواهب، حكمها حكم الصدقة ) أما الهبة التي يراد به وجه الموهوب له أو لإظهار الجــود واكتساب الثناء، سواء ابتغي مع ذلك وجه الله تعالى فقد اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال نبينهما مع الأدلة والمناقشة والترجيح وكما يأتي

أولاً: أقوال الفقهاء:

. القول الأول:

بذي الرحم والأقرب عندهم عدمه، وقيل غير ذلك وكمـا سـ ـ يأتي موضوعه

٢. القول الثاني:

لا يجوز لواهب اقبض هبته للموهوب له أن يرجع فيها، إلا لوالد فيما يهب لولده فله الرجوع فيها. وبذلك قالت الشافعية والحنابلة وهو ظاهر مذهب احمد وبه قال المنصور بالله من الزيدية وقواه صاحب ((البحر)) منهم، وهو قول الأوزاعي وإسحاق وأبي ثور “، وذكر ابن حجر انه مذهب الجمهور

وذهب ابن سريج من الشافعية؛ إلى أن الرجوع للأب أنما يجوز إذا قصد بهبته حصول البر أو دفع العقوق فلم يحصل، فان لم يقصد ذلك فليس له الرجوع، ورده الماوردي والنووي وغيرهما

٣. القول الثالث:

لا يجوز الرجوع في الهبة لأحد من حين تلفظه بها، قبضت أو لم تقبض، إلا الوالد فيما يهب لولده وبذلك قالت المالكية) والظاهرية وهو قول الثوري والعنبري، إلا انه الإمام مالكا رحمه الله تعالى، أجاز الرجوع في هبة الثوب إذا لم يعوض عنها، وقيد رجوع الأب بما إذا لــــم يتعلق بمال الوالد حق، كأن يستحدث دينا، أو تنكح المرأة الرجل لغنــــاه، أو الرجل المرأة لما أعطا، أبوها. وبهذا قال الإمام احمد في إحدى الروايتين

وبعد النظر في أقوال الفقهاء نجد أنهم اتفقوا على تحريم الرجوع في الهبة لذي الرحم المحرم باستثناء الوالد فيما يهب لولده) .

رجوع الأم

اختف الفقهاء في جواز رجوع الأم فيما وهبت لولدها على ثلاثة أقوال بينها مع الأدلة والمناقشة والترجيح وكما يأتي:

أولاً: أقوال الفقهاء:

. القول الأول:

يجوز لها الرجوع، كالأب، وهذا ظاهر مذهب مالك، وبه قال الشافعي، وهو ظاهر كلام الخرقي من الحنابلة وعليه بعضهم، وهو مذهب ابن حزم وبعض الزيدية، وقواه صاحب (( البحر )) من م ، قال الإمام مالك : (( للام من الاعتصار ما للأب )

.. القول الثاني:

ليس لها الرجوع فيما وهبت لولدها، وبه قال الحنابلة، وهو المنصوص عن احمد ، وقول عند الشافعية، وبه قال بعض الزيديا

رجوع الجد والجدة

اختلف الفقهاء في حكم رجوع الجد والجدة من جهة الأب والأم فيما وهبا لولد الولد على قولين: ينهما مع الأدلة والترجيح وكما يلي

أولا: أقوال الفقهاء:

. القول الأول

يجوز لهما الرجوع فيما وهبا لولد الولد، وبهذا قالت الشافعية، وهو رواية عن مالك، ووجه عند الحنابلة، وهو مذهب ابن حزم، وبه قال الاوزاعي وإسحاق

. القول الثاني:

ليس لها الر، وع في ذلك، وبه قالت الحنابلة، وبعض الشافعية، والزيدية، وهو رواية عن الإمام مالك، وهو المشهور في المذهب قول للشافعية: يجوز الرجوع لآباء الأب، وفي غيرهم؛ قولان

زر الذهاب إلى الأعلى