تحقيقاتتقاريرعاجلمقالات

لمحات بلاغية تستحق القراءة

كتب /سامى ناصف

ما الفرق بين القرية والمدينة في القرآن من حيث المعنى؟؟؟

الجواب:

اعتمد القرآن الكريم على [ طبيعة السكّان ] في مسمّياته للتجمعّات السكّانيّة ،

فإذا كان المجتمع [ مُتّّفقاً ] على فِكْرة واحدة أو مِهنةٍ واحدة أسماه القرآن [ قرية ].

و نحن نقول مثلاُ:

القرية السياحيّة، القرية الرياضيّة

الجزء الثاني من الجواب..

في سورتيْ [ الكهف ] و [ يس ] وهما مِنْ أكثر السور قراءةً لدى المسلمين

فهناك موضوع مدهشٌ للغاية في السورتين، هو:

كيف تتحوّل [ القرية ] إلى

[ مدينة ] في ذات الوقت،

و دون مرور فترة زمنيّة ،

حيثُ نجد في سورة الكهف

( حتّى إذا أتَيا أهْل قريةٍ استطعما أهلها فأبَوْا أنْ يُضَيّّفوهمَا فوجدا فيها جداراً يُريد أنْ يَنْقضّّ فأقامَه)….

ثم قال تعالى عنها

( و أمّا الجدار فكان لِغًلامَيْن يتيميْن في المدينة )

سورة الكهف

و ذات الموضوع ورَدَ في سورة يس:

( و اضْربْ لهم مثلاُ أصحاب القرية إذْ جاءها المرسلون)…..

ثم قال تعالي عنها في موضع آخر

(و جاء منْ أقصى المدينة رجلٌ يسعى ) سورة يس

فكيف انقلبت [ القرية ] إلى

[ مدينة ] ببلاغةٍ مدهشة؟!

هي ما تسمى بالبلاغة القرآنية.

سنعود إلى سورة الكهف: فعندما اتّفق المجتمع على [ البُخْل ] عندها أسماه القرآن الكريم

[ قرية ]

وفي سورة يس عندما اتّفقوا على الكُفْر أسماها أيضاً [ قرية ].

و مثالُ آخر:

عندما اتّفق قوم [ لوط ] عليه السلام على معصية واحدة قال تعالى:

( و نجّيناه من القرية التي كانت تعْمل الخبائث ) -سورةالأنبياء –

و عِندمـا يُطلق القرآن الكريم مُسمّى [ مدينة ] يكون المجتمع فيه الخير و فيه الشرّ،

أو يكون سكّانه في عداء مع بعضهم..

و الدليل على ذلك أنّ القرآن الكريم أطلق على [ يثرب ] اسم: [ مدينة ]،، وذلك لوجود منافقين و صحابة مؤمنين بنفس المجتمع ،

فقال تعالى

( و من أهل المدينة مردوا على النفاق ) سورة التوبة آية 101،

و ( مِن ) هنا تفيد التبعيض

أي: ومن بعض أهل المدينة.

لذلك لم يردْ في القرآن الكريم أنّ الله سبحانه قد أهلك

[ مدينة ]،

بل يُهلك القرى الكافرة تماماً.

أي يأتي الهلاك عندما يعمّ الكُفر في المجتمع.

نعود لسورة الكهف:

عِندما أضاف [ العبد الصالح ] للمجتمع الفاسد،

و أضاف الولدين [ الصالحَين ] إلى المجتمع البخيل.

أصبح المجتمع [ مدينة ] ولم يعُدْ [ قرية ].

و كذلك في سورة يس،

عندمـا أسلم أحد الأشخاص، أصبحت [ القرية ] الكافرة [ مدينة ] فيها الكفر و فيها الإيمان،

لذلك قلب القرآن الكريم التسمية فوراً و بذات الحَدَث منْ [ قرية ] إلى [ مدينة ]

حيث قال في بداية القصة

“واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون “

فلما أعلن أحد أهلها إسلامه سماها مدينة:

“وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى”،

و من روعة البلاغة في القرآن الكريم ، أنّ القارئ لا ينتبه أنّ [ القرية ] قد أصبحت [ مدينة ].

سبحان من جعل القرآن الكريم آية ومعجزة…

ولذلك

تدبره نعمة ومتعة لا تنقطع.

تستحق القرءاة والنشر

زر الذهاب إلى الأعلى