مقالات

الحرب علي الثوابت

بقلم / محمود ناصف

لن يمنح الإسلام شرف عودته لأشباه الرجال .. وإنما سيعود برجاله الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه …

إن من أخطر نتائج سوء النظام السياسي لأي مجتمع في العالم هو الإنقسام والفرقة .. والسعي في تنفيذ خطط ليس لها علاقة بالإصلاح الحقيقي للمجتمع
حيث إن أي بناء حضاري اوتقدم او نجاح لا يمكن أن يتحقق بشعوب فقيرة ومريضة تم تجهيلها وتتفيه عقولها بكرة القدم والإعلام المضلل والقنوات التي غيرت هويتنا ….

وعندما أفل نجم سلطان العرب بإسم تجديد الإسلام وبإسم التيارات المضللة والإدعاءات الكاذبة من خلال وسائل مرئية ومسموعة وآخري غير ظاهرة كان ذلك نتيجة حتمية لإختفاء القيم والمبادئ والأخلاق وانعدام الضمير بين الناس ..
…ومن قراءة التاريخ لم تحقق أمة علي الارض تمدنا وانتصارات عظيمة وفتوحات في وقت قصير كالذي حققه العرب بفضل الإسلام ..

.. لذلك لن يرتقي مجتمعنا إلا إذا كان علي رأسه رجال عظماء كخالد وعمر وأبو بكر وعلي وعثمان وغيرهم من العظماء .. فإذا افتقد لوجودهم تداعي كل شيئ دفعة واحدة وتهاوت كل قيم المجتمع …

فجزيرة العرب لم تكن قبل مجيئه سوى ميدانِ حرب دائم واسع وذلك لما تأصَّل في العرب من الطبائع الوحشية ( ياكل القوي الضعيف ويحتكر الغني الفقير بتجارته وماله ( كما أصبحنا اليوم ) ..
ولمَّا جاء الإسلام وألَّف بين قلوب العرب .. وجَّه جميع قُوَّاتهم بالفتوحات الإسلامية الي بلاد العالم لنشر قيم العدل والخير والسلام والأمن بين الناس ..
كانت طبائعهم القتالية من أهم أسباب انتصاراتهم .. ولمَّا خلا الميدان من أعداء يحاربونهم صوَّبوا أسلحتهم نحو أنفسهم بفعل هذه الطبائع المتأصلة، وبدت هذه الصفات التي كانت سر عظمتهم وحضارتهم سبب انحطاطهم وتأخرهم …..

ولم تستطع اي قوة قبل مجيئ الإسلام أن تجمع القوى المبعثرة للعرب علي كلمة سواء ..
وعلي مدار عقود من الزمان طويلة لم يزل الشقاق والخلاف والتناحر وإراقة الدماء ولم يستطع أي مذهب أن يجمع شتات العرب ..
ولما أرسل الله رسولة بالحق والعدل والمحبة كان الإتحاد والقوة بما عاهدوا الله عليه عندما خضعوا للشريعة الإسلامية وجمعوا كلمتهم المتفرقة تحت لوائها فكانت النتيجة انتصارات وفتوحات وحضارة لم تزل ترفرف فوق أرجاء العقول ..
وبَقِي حكم هذه الشريعة طيبًا ما بَقيت نظم النبي مطبقة بين الناس …
ولما تخلت الامة عن هذه النظم تخلت عن المادة الفعالة للقوة علي الارض وهي الوحدة العربية والتحام الصفوف …

ولم يكن لغير الله الفضل في توحيد قبائل العرب بأن منحهم شرف الإسلام .. ذلك وإنه هو العامل الوحيد الذي توحَّدوا تحت رايته وتآخوا بين قيمه وعدالته بالمودة والرحمة .. وعندما تركوه تفرقوا وتداعدت عليهم الأمم ..
تلك هي الحقيقة التي لا يريد اعلامنا العربي اظهارها للشعوب تخوفا من عودة الإسلام او هيمنته مرة آخري ..

إن القرآن الكريم الذي هو مصدر إلهي عظيم والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي لا يتبدل ولا يتغير بسبب مصدره المقدس .. بعد أن كان عنوانا لاحتياجات العرب في زمن نبينا العظيم محمد صلي الله عليه وسلم .. وبعد أن كان دستورًا دينيًّا ومدنيًّا وسياسيًّا في آن واحد علي مدار عقود من الزمان ..
وبعد أن كان منارة للعالم ومصدرا للعدل والخير والسلام والمحبة .. أصبح اليوم مهجورا فوق الرفوف تتراكم عليه الاتربة .. ولم تعد قيمته عندنا سوي كتاب نلتمس منه البركة …

إن نقطة البدء في التحول المجتمعي هي التحول الفكري .. وإن الإنتقال بمجتمع ما من نمط الي آخر لا يكون الا بالبناء الثقافي وتطور العلاقات الإنسانية .. ما الذي يوحد الشعوب ؟ هل المعتقد الديني أم التاريخ .. وهل أمة الإسلام هي أمة نصوص ومجادلات اعتقادية أم هي أمة تاريخ ودولة وصراعات حول السلطة التنفيذية …

وعلي الرغم من كيد الكائدين لهذا الدين ومكر الماكرين وتربص المتربصين به إلا أنه سيعود راية خفاقة أقوي إيمانا من ذي قبل بسنة الله في الأرض ” وتلك الأيام نداولها بين الناس ”
#محمود_ناصف

زر الذهاب إلى الأعلى