تحقيقاتثقافةدنيا ودينمقالات

“يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية

نقله /ناصف ناصف

إن هذه الأمة أمة صدق، ومتى ما تخلى أبناؤها عن هذا الخلق ظهرت الخيانة، وضاعت من حياتهم الأمانة، وظهر بينهم التنازع والفشل، وتسلط عليهم العدو، وسقطوا من عين الله وعيون الناس.

ويكون الصدق في الأقوال، وفي الشهادة، وفي النصح والدلالة على الخير، والتحذير من الشر، فلا يكذب المسلم في حديثه مع الآخرين، وقد عدّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك من أكبر الخيانات، فقال: “كَبُرَتْ خيانة أن تحدِّث أخاك حديثًا، هو لك مصدِّق، وأنت له كاذب”. وحذر النبي من الكذب في الحديث، وعدّه من النفاق، فقال عليه الصلاة والسلام: “آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان” متفق عليه.

لذا يجب أن يكون كلٌ مِنَّا مثَلاً وقدوة للآخرين، ولنكن دائماً صادقين، أمناء؛ لأننا قد لا نُدرك من يراقب تصرفاتنا، ويحكم علينا كمسلمين.

وهذه هي العظمة التي ينبغي أن نعيش بها ونحيا بها بين الأمم، ثم لنعلم أن الأجر عظيم، والمثوبة من الله لا حدود لها لمن صدق وتخلق بأخلاق الصادقين، وكان إماماً وقدوة في الخير، قال -تعالى-: “هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ” المائدة- 119.

أن الغش والخداع والغدر خلائق وضيعة، تنافي الصدق ولا تلائمه، ذلك أن الصدق يستدعي النصيحة والاستقامة والوفاء والإنصاف والعدل، ويتجافى عن الكذب، والمداورة، والغش، والخداع.

وإن الفطرة النقية لتنفر من الغش والخداع والغدر، وترى هذه الأخلاق السيئة أمارة على انسلاخ صاحبها من الانتساب للإسلام، كما قرر الرسول، صلى الله عليه وسلم بقوله: «من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا». رواه مسلم.

ذلك أن مجتمع المسلمين قائم على نظافة المشاعر الإنسانية، وعلى النصيحة لكل مسلم، وعلى الوفاء بالعهد لكل فرد من أفراده، فإذا ما وُجد فيهم غاش مخادع غدار، فإنما هو دخيل على هذا المجتمع، غريب عن أفراده، مجانب لسجاياهم الغروخلائقهم الحسان. ولهذا عد الإسلام الغش والخديعة والغدر من الجرائم البشعة التي تزري بصاحبها في الدنيا، وتسوّد وجهه في الآخرة. يقول عليه الصلاة والسلام: (لكل غادرٍ لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان). متفق عليه.

جاء في فتح الباري: «قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره».

إن المسلم الصادق الذي ارتوى من هدي دينه الحق، ليبتعد عن خلائق الغش والغدر والخديعة بكل صورها وأشكالها، وإنها لكثيرة في عالمنا المعاصر، ويربأ بنفسه أن يسلكها في زمرة الغشاشين المخادعين الغدارين الذين عدهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم من المنافقين. يقول عليه الصلاة والسلام: «أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر». متفق عليه.

أ . د / مفيدة إبراهيم علي عميدة كليات الدراسات الاسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى