مقالات

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية

نقله لكم ناصف ناصف

“وهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ,ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى”
الإسراء والمعراج من معجزات رسولنا محمد – صلَّى الله عليه وسلَّم – التي أعجزت أعداء الله في كل وقت وكل حين .لقدْ كانتْ هذه الرحلة العظيمة معجِزةً أراه الله – عزَّ وجلَّ – فيها آياتٍ باهرة، والإسراء والمعراج هي حادثة جرت ليلاً سنة 621م وتعد من الأحداث البارزة في تاريخ الدعوة الإسلامية. يؤمن المسلمون أن الله أرسل نبيه محمد على البراق مع جبريل ليلاً من المسجد الحرام بمكة، إلى بيت المقدس وأنه انتقل بعد ذلك من القدس في رحلة سماوية بصحبة جبريل على دابة تسمى البراق عرج به إلى الملأ الأعلى عند سدرة المنتهى أي إلى أقصى مكان يمكن الوصول إليهِ في السماء وعاد بعد ذلك في نفس الليلة، وسُميت سورة الإسراء على اسم الحدث، قال تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” الإسراء-1
وعلى الرغم من أن ” الإسراء ” و ” المعراج ” حدثا في نفس الليلة، فإن موضعي ورودهما في القرآن الكريم لم يترادفا، بل ذكر الإسراء أولا (في سورة الإسراء)، وتأخر الحديث عن المعراج إلى سورة النجم لقوله تعالى : “وهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ,ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى , فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى , فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ” 7/10وقد تكون الحكمة في هذا هي جعل الإسراء (وهو الرحلة الأرضية) مقدمة للإخبار بالمعراج، وهي الرحلة العلوية التي ذهل الناس عندما أخبروا بها، ولقد أقسم الله سبحانه على أن ما يحدث به رسوله بعد عودته من هذه الرحلة هو الحـق والصدق وليس بالكذب، لأنه لم يكذب قط طوال حياته. ولقد رأى رسول الله الآيات الكبرى لعظمة الله وقدرته المطلقة. ” مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى , وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى”
وحادثة الإسراء والمعراج فيها آياتٍ باهرةودَلالات وإشارات ودروس، منها: – بعد كل مِحنة مِنحة: أي بعد فقْد النبيُّ لعمِّه الناصر له، وزوجه الكريمة المُعينة الصابرة، تأثرًا شديدًا، وسُمِّي هذا العام في حياته بعام الحزن.
– وأن الإسلام رسالة الله إلى خلقه أجمعين:و هو المنَّة الكُبرى والنِّعمة العُظمى ؛ ليسعدَ البشرية كلها في الدُّنيا والآخرة، فالإسلام هو الدين الوحيد الذي ارتضاه الله – جلَّ وعلا – لأهل الأرْض وقال سبحانه: ” إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ “آل عمران- 19.
– وفيها نلمح أواصرَ القُربى بين الأنبياء كافة، وهذا المعنى من أصول الإسلام: “لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ” البقرة-285.- والدلالة باهرة على مدَى ما لهذا البيت مِن مكانة وقُدسية عندَ الله تعالى، وفيه دَلالة واضحة أيضًا على العلاقة الوثيقة بين ما بُعث به كلٌّ مِن عيسى ابن مريم ومحمَّد بن عبدالله – عليهما الصلاة والسلام – وعلى ما بيْن الأنبياء مِن رابطة الدِّين الواحِد الذي ابتعثَهم الله – عزَّ وجلَّ – به. وفيه دَلالة على مدَى ما يَنبغي على المسلمين في كلِّ عصر ووقت، من الحِفاظ على هذه الأرض المقدَّسة، وحمايتها من مطامع الدخلاء وأعداء الدِّين، وكأنَّ الحكمة الإلهية تهيب بمسلِمي هذا العصر ألا يَهِنوا ولا يجبنوا ولا يتخاذلوا عن حمايتها.
أ . د / مفيدة إبراهيم علي عميد كليات الدراسات الاسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى