صحيفة المواطنعاجلمقالات

نشر أسرار البيوت.. فضفضــة محرّمة

بقلم/احمد زايد

السعادة الزوجية حلم كل فتاة مخطوبة وهدف كل زوجة، وهي حلم وهدف يستحق أن نبذل فيه قصارى جهدنا، وحتى يؤتى هذا الجهد ثماره علينا أن نعي ما يحيط به من أخطاء وما يتهدده من أعداء، والكيس من اتعظ بغيره، فكم من بيوت غابت عنها السعادة رغم أن الزوجين بذلا وسعهما لتحقيقها لكنهما وقعا في أخطاء أذهبت جهودهما سدى لكي تحمي سعادتك احذري الأخطاء وتجنبي الأعداء. و أحد أخطر هذه الأخطاء هو “إفشاء الأسرار”، فأسرار البيت أمانة يجب عليك المحافظة عليها وتفريطك بها يذهب ثقة زوجك بك، فاحذري أن تكون أسرار بيتك موضوعًا لثرثرتك أو فضفضتك؛ كما قد يخيل إليك، ولا تظني أن صديقتك ستحفظ سرك الذي ضاق به صدرك يقول الشاعر:إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيق. “فاذا أغلق الناس أبواب بيوتهم تساوَوا”، فلا يعلم بالذي يجري في البيوت إلا أصحابها، فكم من بيوت جميلة البناء وفي داخلها تأوه مريض، أو دمعة مبتلى، أو أحزان يتيم، والعاقل من يحرص جاهداً على أن يجعل مشكلات بيته في بيته، فلا ينقلها معه خارج المنزل، فمن السلوكيات المرفوضة إفشاء أسرار البيوت ونشرها بين الناس ويؤكد علماء النفس أن ترويح الزوجة عن نفسها بالفضفضة إلى صديقاتها ونشر أسرار بيتها غالبًا ما يصنع من القلق أكثر مما يجلب من الراحة، صحيح أن الراحة قد تكون آنية وعاجلة لكن القلق حتمًا سيظهر بعد أن تنتشر هذه الأسرار وتجني الزوجة الندم والخسران، فلا أحد من الرجال يستريح لإفشاء أسرار حياته الزوجية، وقديمًا حذرت أمامة بنت الحارث ابنتها في وصيتها المشهورة قبل زواجها فقالت: “… فإن أفشيت سره فلن تأمني غدره…”. وفوق هذا وقبله فإن حفظك لسر بيتك مطلب شرعي تتعبدين لله به، خصوصًا علاقتك الخاصة بزوجك.. عن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده فقال: لعل رجلاً يقول ما يفعله بأهله ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها” فأرم القوم – أي سكتوا ولم يجيبوا – فقالت: إي والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون. قال: “فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة فغشيها والناس ينظرون”. لكن ما هى أسباب إفشاء الأسرار الزوجية :1- قلة العقل والدين، فالعقل السليم يمنع الإنسان من التحدث عن أي حديث يجلب له الضرر، ولا دين يردعه عن كل قول وفعل لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.2- كثرة الاختلاط بالآخرين، فعندما تجلس الزوجة أو الزوجان مع آخرين فترات طويلة فيتحدث كل عن حياته وأسرته.3- المرأة بطبعها محبة للفضفضة والثرثرة والترويح عن النفس في مجالس الصديقات, ولا تجد المرأة المتزوجة، غالبًا، مادة دسمة للحديث غير ما يخص أمورها الشخصية وعلاقتها بزوجها, وهناك حكمة تقول: «إذا أردت أن تروج لرأي فخاطب به النساء».4- غياب التفاهم بين الزوجين، وانعدام الحوار، والبعد العاطفي فيما بينهما يدفع الزوجة إلى الفضفضة مع المعارف والصديقات وزميلاتها في العمل, أملًا ورغبة في إشباع حاجة نفسية لديها، ومحاولة الشكوى والظهور بمظهر المجني عليها من قبل زوجها.5- قد يكون التباهي والتفاخر أمام الآخرين سببًا في إذاعة وإفشاء الزوجة لأسرارها الزوجية، وأسرار العلاقة الخاصة مع زوجها.6- عدم القدرة على تحمل ألم المشاكل، وعدم المقدرة على الصبر ومن ثم التنفيس، وعرضها على الآخرين للوصول إلى علاج، أو التخفيف من حدة الألم، أو تفريغ الكبت والضغط الناتجين عن هموم الحياة الزوجية.7- عندما تبوح الزوجات بأدق تفاصيل حياتها فهذا يُعَد خللًا في التنشئة الأجتماعية، وعدم التربية على حفظ الأسرار منذ الطفولة, وكذلك عدم التأهيل الجيد للحياة الزوجية والمعرفة بالحقوق والواجبات الزوجية. وأسرار البيت ليست على درجة واحدة من الأهمية، فهناك أسرار1- العلاقة الخاصة بين الزوجين وهذه يجب أن تحتفظ بها الزوجة في بئر عميق داخل نفسها وكذلك الزوج .2-وهناك الأسرار المتعلقة بالخلافات بين الزوجين، وهذه تقدر بقدرها، والزوجة العاقلة هي التي تحفظ هذه الأسرار ولا تنقل منها إلا ما يعالج المشكلة، ولكن ليس إلى صديقاتها أو قريباتها، بل إلى من تتوسم فيهم الحكمة ليحققوا النصيحة الإلهية: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}[النساء:35]. ويجب ألا تبادر الزوجة إلى ذلك بمجرد حدوث المشكلة وألا تفعل ذلك مع كل صغيرة وكبيرة، فما أكثر المشكلات التي لا تحتاج إلى تدخل من أحد بل مجرد حنكة وصبر في الزوجة. تقول إحدى الأمهات: تزوجت ابنتي منذ عشر سنوات، ما اشتكت إلي ولا إلى والدها من زوجها قط.. لم تخبرني أبدًا عن مشكلة إلا بعد حلها، غاية ما كانت تطلبه مني الدعاء حتى أنني كنت أعرف أنها تواجه مشكلة عندما تلح علي في طلب الدعاء.3-وهناك الأسرار المتعلقة بخصوصيات البيت وهذه أيضًا لا يجوز نشرها حتى لا تصبح الأسرة كتابًا مكشوفًا أمام الآخرين.. قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}[التحريم:10] قال بعض المفسرين عن هذه الخيانة: إن امرأة نوح كانت تكشف سره فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به، أما امرأة لوط فكانت إذا استضاف لوط أحدًا أخبرت أهل المدينة ممن يعملون السوء حتى يأتوا ويفعلوا بهم الفاحشة. فى ختام مقالتى اليك بعض النقاط للمحافظة على اسرار البيت: 1-الصراحة: من أهم الطرق للحفاظ على أسرار المنزل لأن الصراحة بين الزوجين تجنبهم العديد من المشاكل 2-وضع حدود لتدخل الأهل: من أهم الطرق للحفاظ على أسرار المنزل فيمكن لتدخل الأهل أن يكون سلبي جداً على الحياة الزوجية فإلحاح الأهل باستمرار لمعرفة ماذا يحدث داخل المنزل يدخل العديد من المشاكل إلى الحياة الزوجية3-وضع حدود لتدخل الأصدقاء: فمن الممكن أن يكون التدخل المبالغ فيه من قبل الأصدقاء سبباً لافتعال المشاكل بين الزوجين. 4-التفاهم منذ البداية على أن أسرار المنزل يجب أن تبقى داخل المنزل ولا يجب الإفصاح عنها. 5-طلب المساعدة من الممكن في حال لم يستطع الزوجين حل خلافاتهما بطلب الاستشارة من المتخصصين فى حل المشاكل الزوجية. قال الامام علي بن أبي طالب:لا تفش سرا ما استطعت إلى امرئ ** يفشي إليك سرائرا يستودعفكما تراه بسر غيرك صانعا ** ** فكذا بسرك لا محالة يصنعأخيراً الى الزوجةالفاضلة المحترمة عليك حفظ أسرار بيتك وعدم نقلها خارج عشِّ الزوجية؛ لأن حفظ أسرار البيت من أهم عوامل نجاح الحياة الزوجية.

زر الذهاب إلى الأعلى