مقالات

هروب الطفل العربي من بيئته إلى الفكر الأجنبي


حاورته/ أمنية علاء الدين
إن كنت عزيزي القارئ من محبي متابعة الأفلام الأجنبية أو متابعة الأخبار المحلية الاجتماعية للمجتمعات غير العربية، سيتردد عليك مشهد الطفل الجالس على كرسيه أو تحت شجرة في منتصف حديقة، أو في مكتبته يقلب صفحات كتابه المفضل وترتسم على شفتيه الابتسامة، لكن لما لا نرى هذه المشاهد بيننا؟، يجيب على أسئلتنا كاتب أدب الطفل “السيد شليل”، عضو اتحاد كتاب أدب الطفل واتحاد كتاب مصر فرع أدب الطفل.
— في رأيك ما أسباب عزوف الطفل العربي عن القراءة؟
من أكثر الأسباب حضورًا عدم وجود محتوى جاذب للطفل يشبع شغفه، فلا يجد الطفل ضالته وما يحب أن يقرأ، إن كان محتوى خيال علمي أو رومانسي وهكذا، فالمحتوى المتاح عربيًا حاليًا بسيط ولا يشبع الطفل الذي يبحث دائمًا عن الدهشة.
— الكاتب والرسام عمودان للكتاب، تعتقد من الممكن أن ينجح أحدهما في جذب الطفل للقراءة دون الآخر؟
الرسام والكاتب عنصران أساسيان في صناعة الكتاب الورقي، لكن هناك عدة عوامل لنجاح هذه الصناعة منها: الإخراج الفني الجيد، نوع الورق، الغلاف وهو عنصر جذب أساسي للطفل، ودائمًا إذا كان هناك انسجام بين الكاتب والرسام يستطيعان أن يصنعا شيئًا جميلًا، ففي أغلب أعمالي أحاول أن أكون على اتصال بالرسام حتى يخرج العمل كما يجب أن يكون.
— اقتبس من كلامك في إحدى المقالات “لا أخشى على أدب الطفل إلا ممن يحملون لواءه”، هل تعتقد أن الكاتب قد يكون سبب رئيسي في هروب الطفل منه؟
عندما قلت في إحدى اللقاءات لا أخشى على أدب الطفل إلا ممن يحملون لواءه؛ لأني وجدت أن عنصر جذب الطفل للقراءة في المقام الأول يعود إلى الكاتب، فإذا كان النص جيدًا والرسام متوسط يستطيع أن يقرأه الطفل، لكن من الأفضل أن يكون النص جيد والرسم جيد وجديد ومختلف، لذلك أبحث دائمًا عن المدارس المختلفة في الرسم.
— لما تظل القصص الإبداعية في الأدراج، وتظهر أخرى تزرع الإحباط في خيال الأطفال؟
قلت مرارًا وتكرارًا أن الحصان الرابح في عملية الكتابة هو الخيال، إذا كان خيالك يساوي خيال الطفل فسيقرأ لك خمس دقائق، وإذا كان أقل من خياله فلن يلتفت إليك، لابد أن يفوق خيالك خيال الطفل حتى يستطيع أن يستمتع ويكمل معك لنهاية النص، هناك نعم نماذج قصصية تزرع الملل والكآبة، وأقول أن هناك ثلاثة أشياء يجب أن يبتعد الكاتب عنها: أن يكتب للطفل ما يعرفه- أن يكتب للطفل ما يتوقعه وما يجرحه.
— في رأيك ما الحد الفاصل بين قصصنا العربية ومثيلتها العالمية؟
حتى يتحول إبداعنا العربي لعالمي، لابد من عدة أشياء، أن يطور الكاتب من تفكيره ورؤيته، فعلى سبيل المثال في دول شرق آسيا هناك تطور لحظي وآني في عوامل الكتابة فقد حولوا الحديث على لسان الرواة إلى لقطات سينمائية كأن القارئ يشاهد فيلمًا، لكن مع الأسف الشديد لازال هناك بعض كتاب أدب الطفل يتعاملون معه على أنه يرتدي الطربوش والشورت، لم يقوموا بتحديث معلوماتهم وأفكارهم عنه.
— لما يجد الطفل ضالته المنشودة في الأفلام العالمية ولا يجدها بين إبداعات وطنه؟
يهرب الطفل إلى العالم الرقمي والتقني ليبحث فيه عما يشبع خياله وشغفه، لأنه لا يجد هذا المطلب في بعض القصص العربية، وهذا عامل شديد من عوامل عزوف الطفل عن القراءة أن أغلب المتاح متشابه، فلازال بعض الكتاب يكتبون النهايات السهلة، فحتى نحن ككبار مللنا هذه النهايات التي تعاد وتتكرر.
— هل تتيح ثقافة الآباء للطفل التعلق بالقراءة منذ الصغر، أم تصبح فجوة بينه وبينها؟


إذا أردنا أن نبني دولة قوية، علينا أن نبدأ من الأطفال، فنبدأ من الأسرة، فعندما تكون القراءة شيء أساسي، يتطور الوعي ونجد نشئ قوي لا يستطيع أحد أن يعبث بعقله وفكره ويستطيع أن يحدد أهدافه.
— نصائح توجهها للآباء والأمهات عند اختيار البذور القصصية التي ستحلق بأطفالهم في فضاء الخيال.


كل أسرة لديها طفل مبدع لكن اكتشاف هذه الموهبة مبكرًا يساعد وضعها على الطريق الصحيح والنجاح، فيجب على كل أسرة متابعة أطفالها وتبدأ بتوجيههم عن طريق متخصصين يرشدونهم للطريق الصحيح، ولكل أم حاولي متابعة طفلك لمعرفة إن كان موهوب في العزف أو الرسم أو الكتابة أو غيرها، ومن خلال المتخصصين والقنوات الرسمية تستطيعين العبور بطفلك لبر الأمان، لكن احذري من سارقي العقول.


كما ناشد الكاتب السيد شليل قصور الثقافة، “افتحوا أبوابكم وقلوبكم لتلك البراعم الجميلة التي نعول عليها في المستقبل”، كما وجه رسالة لكتاب الأدب الطفل الذين يتعاملون معه أنه أدب سهل وبسيط، “حاولوا أن تكتبوا بضمير حتى يبقى منكم بعض الحروف التي سيذكرها بعض الأطفال، سيحاكمكم يومًا ما الطفل الذي تتحدثون باسمه بكل شيء بما ليس فيه”.

زر الذهاب إلى الأعلى