مقالات

يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

 

 

متابعة ناصف ناصف             

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

 من المعلوم أن الإسلام اتخذ موقفا حاسما حازما قويا من الشائعات ومروجيها لما يترتب عنها من آثار سلبية تزلزل كيان المجتمع وتؤثر على تماسكه وتلاحم أبنائه, وسلامة لحمته. ولإشاعة الفوضى داخل الصف بغية تفكيكه وإثارة القلاقل داخله.

لقد أرسى الإسلام قاعدة جليلة وعظيمة لمكافحة الإشاعة بجميع أنواعها، وإبطال مفعولها بسرعة قبل أن تتمكن في المجتمع، وهذه القاعدة هي: التكذيب الفوري للإشاعة اعتمادا على سوء الظن بمصدرها وحسن الظن بالمؤمنين. وقد استخدم القرآن الكريم ثلاث مفردات وهي: (اليقظة والتبيّن والحذر)، والمطلوب من المجتمع الإسلاميّ أن يتّسم بهذه المفردات الثلاثة، وهذا هو ما يعبّر عنه بمصطلح اليوم بـ (الوعي). وعندها يمكن أن نصف هذه الأُمّة أو تلك الجماعة بالأُمّة أو الجماعة الواعية، والعكس صحيح.

والشائعات جريمة ضد أمن المجتمع لما لها من الذيوع و الشيوع والانتشار وقد استعملت في نقل الأخبار التي تنشر ويتم تداولها من غير تثبت ولا تبين قال تعالى : “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا “الحجرات:6. والشائعات من أخطر الحروب المعنوية، والأوبئة النفسية، بل من أشد الأسلحة تدميراً، وأعظمها وقعاً وتأثيراً، وجاءت مئات الآيات في القرآن الكريم لتلاحق هذه الفئة في جهرها وسرها، وتبين جسيم خطرها. يقول تعالى: “لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ” الأحزاب:60

وهذا التحذير للمرجفين في المدينة خاصة و المسلمين عامة وهم الذين يروجون الأخبار الكاذبة ولا يتركون فرصة لإثارة الفتن والمشكلات بين المؤمنين إلا استغلوها، لقوله تعالى: “لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ” التوبة:47

والشائعات أخطر صور الکذب على الاطلاق وهذا النوع من الکذب يستخدمه أعداؤنا لتدمير الشعوب، ويسمونه بأسماء کثيرة، منها: حرب الأعصاب، والحرب النفسية.

ومما يدل على أنه من أنواع الکذب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “کَفَى بِالْمَرْءِ کَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِکُلِّ مَا سَمِعَ” , وعن رسولنا الكريم قال: «ألا أُخبِركم بشراركم»؟! قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «المشّاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت”

 ولقد أصبحت الشائعات في وقتنا الحاضر الذي يشهد تقنيات عالية في كل وسائل الاتصال أكثر رواجا وأبلغ تأثيرا في كل ما يعوق الحق عن مواصلة طريقه خاصة في أيام الأزمات والحروب، و تعد من أبرز أسلحة الحرب النفسية، و أخطرها لدقة الظرف الذي تعمل فيه و يحسن صناعتها كل من يريد صد الناس عن الحق والحقيقة والصواب أو ليثبط حماسة وهمم أصحاب الحقوق أو لما هو أبشع من ذلك أن تشيع الفاحشة في المجتمعات , والعمل على نشر الاضطراب وعدم الثقة بين كل رئيس ومرؤوسيه لكونها اختلاق لا أساس له من الواقع ٠ والشائعات جريمة تهدد أمن المجتمع وتسعى لتدميره وصاحبها مجرم في حق دينه ومجتمعه وأمته ٠ فالواجب الحذر الشديد من نشر الإشاعات لما فيها من ظلم لجميع العباد، ونحن مطالبون جميعا في شتى مجالات حياتنا المختلفة كل في مجاله للقضاء على هذه الظاهرة التي لها أثارها المدمرة ضد أمن وأمان الأمة واستقرار المجتمع 

مع وجوب التثبت من الأخبار قبل انتشارها وعدم ترديد الاشاعات وعدم الخوض مع الخائضين مع ضرورة التماسك الاجتماعي وأن يرد كل أمر من الأمور إلى أهل العلم والاختصاص بموضوعية ٠ 

أ ٠ د \ مفيدة إبراهيم علي 

عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى