تحقيقاتصحيفة المواطنمقالات

قـــراءة في آيات الصيام بقلم الاستاذ الدكتور علاء الحمزاوى ـ الاستاذبجامعة المنيا

قـــراءة في آيات الصيام بقلم الاستاذ الدكتور علاء الحمزاوى ـ الاستاذبجامعة المنيا

متابعة/ ناصف ناصف

ـ تحدث ربنا عن فريضة الصيام في خمس آيات تضمنت أربع مسائل: وجوب الصيام ورخصه، وفضائل رمضان، ومــدة الصيام، ومباحات رمضان، وقد بدأت بـ{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وهو خطاب ثناء ومدح للمسلمين يصفهم بالإيمان قبل أن يأمرهم بالصيام لإظهار العناية بالتوجيه وتحفيزهم على السمع والطاعة، وجاء التكليف بصيغة الخبر {كُتِب} لتخفيف مشقة الصيام، والمعنى فُرِض عليكم، فلا نقاش في وجوبه، والصيام بمعنى الإمساك والامتناع، ومن ثم فهو يحمل دلالة القصد والتعمد، وعليه فالمفطرات هي ما يتعمد المسلم فعلها من الملذات والمغذِّيات، وأن ما لا يقصد المسلم فعله لا يفطره، فلو دخل شيء في جوف الصائم ناسيا أو دون إرادته لا يفطره، والحقن الوريدي والعضلي غير المغذي لا يفطر، وقطرة العين لا تفسد الصيام، فالله لا يكلّف نفسا إلا وسعها.

ــ وفلسفة الصيام تطهير المؤمن من الآثام؛ لأن الصوم يمنع المؤمن أن يتمتع بالملذات جهرا وسرا، فهو رقيب على نفسه، وهي رقابة تأتي بوازع الخوف من الله، لذا خُتِمت الآية بقوله: {لعلكم تتقون} أي لعل الصيام يزيدكم خوفا من الله .. ثم قال ربنا: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ}، جعله (أياما} لتهوين الصيام على المسلمين؛ لأن هذا التعبير يدل على العشرة فأقـل، ولذا اختلف العلماء في المراد بالأيام، فقيل: هي ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عاشوراء، وكان صيامها نفلا ثم صار فرضا، ثم نُسِخ بصيام رمضان، وقيل: هي شهر رمضان، وعُبِّر عنه بـ{أيام معدودات} للتخفيف من مشقته، فهو أيام قليلة تمرُّ بسرعة، فهو فرصة ذهبية يجب اغتنامها.

ــ ثم تحدث ربنا عن رخص الصيام قائلا: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، أي من كان مريضا أو مسافرا فله أن يفطر ويقضي تلك الأيام فيما بعد، وذهب بعض الفقهاء إلى وجوب الفطر في المرض والسفر لقوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} ولقول النبي: “هذه صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا منه صدقته”، لكن رأي الجمهور أن الإفطار رخصة للصائم، وهو حـرّ في اختياره، فقد سئل النبي عن الصيام في السفر، فقال: “إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر”، ويُحمَل على المريض والمسافر “الحامل والمرضع”، والأفضل لهما القضاء مع الإطعام.

ــ {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}، يطيقونه: يصومونه بمشقة، والفدية تعويض عن واجب نفيس تعذَّر فعله، والخطاب يشمل المسنّين وأصحاب الأمراض المزمنة وكل من يجهد نفسه للصيام فيشق ذلك عليه، فهؤلاء إذا عجزوا عن الصيام أفطروا وأطعموا عن كل يوم مسكينا بواقع وجبتين (إفطار وسحور)، وليس عليهم قضاء؛ لأن العلة ملازمة لهم دائما.

ــ ثم حفَّز ربنا على التصدق قائلا: {فمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ} تطوع خيرا أي زاد كمية الطعام للمسكين أو زاد عدد المساكين في الإطعام، فهو خير له عند الله، ثم بيَّن ربنا أن الصيام لأصحاب الرخص أفضل من الإفطار مع الإطعام قائلا: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ}، والجمع بين الصيام والإطعام خير من ذلك.

ــ ثم مدح الله رمضان بثلاث فضائل فما هي؟ للحديث بقية.

زر الذهاب إلى الأعلى