عاجل

المتحف المصري الكبير: بوابة العالم إلى حضارة لا تنتهي

المتحف المصري الكبير: بوابة العالم إلى حضارة لا تنتهي

كتبت / أمل سلام
في لحظة تُجسّد تلاقي التاريخ بالمستقبل، تتجه أنظار العالم إلى القاهرة، حيث تشهد مصر افتتاح المتحف المصري الكبير، أكبر متحف مُكرَّس لحضارة واحدة في التاريخ الإنساني. هذا الحدث ليس مجرد افتتاح لمؤسسة ثقافية جديدة، بل هو إعلان عالمي عن انطلاق عصر جديد من استكشاف وتقديم كنوز الحضارة المصرية القديمة، بأسلوب يلائم القرن الحادي والعشرين.

تحفة معمارية عند بوابة الأهرامات

يقع المتحف على بُعد خطوات من أهرامات الجيزة، في موقعٍ اختير بعناية ليكون الجسر البصري والزمني بين التاريخ الفرعوني الخالد ومصر الحديثة. يمتدّ المشروع على مساحة تقارب نصف مليون متر مربع، بتصميم معماري عالمي فاز في مسابقة دولية واستغرق سنوات من العمل المتواصل ليخرج في صورة تليق بعظمة الحضارة المصرية.

واجهات زجاجية وحجرية تستقبل الزائرين بانسيابية هندسية مستوحاة من أشعة الشمس التي كانت مصدر الحياة عند المصريين القدماء، بينما يشكّل البهو الداخلي الواسع فضاءً مهيبًا يتوسطه تمثال رمسيس الثاني، شامخًا وكأنه يستقبل ضيوف مصر من قادة العالم وكبار الشخصيات الدولية.

كنوز لا تُقدّر بثمن

يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، تُعرض وفق رؤية علمية حديثة تُبرز التطور الحضاري لمصر عبر آلاف السنين. وفي سابقة تاريخية، تُعرض المجموعة الكاملة لمقتنيات الملك الشاب توت عنخ آمون لأول مرة في مكان واحد، تشمل آلاف القطع الذهبية والأثرية التي تم اكتشافها في وادي الملوك قبل أكثر من قرن.

كما يضم المتحف قاعة مهيّبة لعرض القارب الشمسي للملك خوفو، الذي نُقل في واحدة من أكبر عمليات نقل أثر في العصر الحديث، إضافة إلى قاعات متخصصة للفن المصري، والعقيدة، والحياة اليومية، والحرف والفنون، مرورًا بكافة العصور التاريخية التي شهدتها أرض الكنانة.

مركز عالمي للبحث والحفاظ على التراث

لا يقتصر دور المتحف على العرض فحسب؛ بل يضم مركزًا متطورًا للترميم والأبحاث يُعد من الأكبر في الشرق الأوسط، يضم معامل متخصصة ومخازن أثرية مجهّزة بأحدث تقنيات الحفظ. هذا المركز سيجعل من المتحف المصري الكبير منارة علمية تربط الباحثين والمؤسسات المتحفية حول العالم بالتراث المصري.

حدث عالمي ورسالة حضارية

جاء افتتاح المتحف بحضور قادة وزعماء عدد من دول العالم، ليؤكد مكانة مصر على الساحة الدولية، ويُبرز الدور المركزي الذي تلعبه في حماية التراث الإنساني. وفي ظل رؤية طموحة لتطوير القطاع السياحي، يُنتظر أن يصبح المتحف أحد أهم الوجهات الثقافية في العالم، ومحورًا لرفع الطاقة الاستيعابية للسياحة في مصر.

مصر.. حضارة تتجدّد

يمثل المتحف المصري الكبير شهادة جديدة على أن مصر لا تزال قادرة على صنع الإنجازات الكبرى، وعلى تقديم تاريخها للعالم بأبهى صورة. هو ليس مبنى من حجر، بل بوابة ضخمة تفتحها مصر للعالم كي يعيش تجربة استثنائية مع الحضارة التي أبهرت الإنسانية منذ آلاف السنين.

في هذا اليوم، لا تحتفل مصر فقط بافتتاح متحف، بل تعلن أن الحضارة مستمرة، وأن الماضي العظيم لا يزال يكتب فصوله في الحاضر ويُلهم المستقبل

زر الذهاب إلى الأعلى