بقلم /اسماء خليل أبوموسى
في زمن سريع الخطى، حيث يلهث الجميع خلف متطلبات الحياة اليومية، يبدو أننا ننسى أحياناً أولئك الذين كانوا يوماً عماد المجتمع وأساسه، كبارنا الذين قضوا حياتهم في بناء الأسر والمجتمعات. هؤلاء الأشخاص الذين أفنوا زهرة شبابهم في العمل والتضحية من أجلنا، أصبحوا اليوم في كثير من الأحيان مهمشين، منسيين في زوايا البيوت أو في دور الرعاية، دون أن ندرك حقهم علينا وفضلهم الكبير.
كبار السن ليسوا مجرد أشخاص كبروا في السن، بل هم كنوز من الخبرات والتجارب، هم سفراء الماضي الذين يحملون في ذاكرتهم دروس الحياة وقصص النجاح والإخفاق. هم عمود البيت الذي يمنحه الاستقرار والقوة، وهم الجسر الذي يربط الأجيال ببعضها، ينقلون القيم والأخلاق من جيل إلى جيل.
لكن للأسف، في مجتمعاتنا المعاصرة، نجد أن الكثير من كبار السن يعيشون في عزلة، محرومين من الاهتمام والتقدير الذي يستحقونه. يتعرضون للإهمال أحياناً، ويُتركون وحيدين دون أن تُتاح لهم الفرصة للمساهمة في الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية. هذا الإهمال ليس فقط ظلماً لهم، بل هو خسارة كبيرة للمجتمع بأسره، لأننا بذلك نفقد فرصة الاستفادة من خبراتهم وآرائهم الثمينة.
كبار السن يمتلكون ثروة من المعرفة والتجربة التي يمكن أن تكون مفيدة جداً للأجيال الشابة. هم من يعلموننا الصبر والحكمة، وهم من يرشدوننا إلى الطرق الصحيحة في الحياة من خلال قصصهم وتجاربهم. إن استثمار خبراتهم يمكن أن يكون له أثر إيجابي كبير على تنمية المجتمع وتقدمه.
علينا أن ندرك أن كبار السن لهم حقوق علينا، حقوق تتجلى في الاهتمام بهم، وتوفير الرعاية اللازمة لهم، والاستماع إلى نصائحهم وتجاربهم. يجب أن نخلق بيئة تكون فيها مكانتهم محترمة، ويشعرون فيها بالتقدير والانتماء. يمكننا تحقيق ذلك من خلال زيارتهم بانتظام، والاستماع إلى قصصهم، والاستفادة من خبراتهم، وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والثقافية.
الأسر التي تهتم بكبارها وتحترمهم وتقدرهم، هي أسر قوية ومتماسكة، تنتقل فيها القيم والأخلاق الحميدة من جيل إلى جيل. الأطفال الذين ينشأون في بيئة تحترم كبار السن، يتعلمون قيم الاحترام والتقدير، ويصبحون أكثر قدرة على بناء علاقات صحية مع الآخرين.
في الختام، يجب علينا جميعاً أن نعيد النظر في كيفية تعاملنا مع كبار السن، وأن نبذل جهداً أكب