خاطبوا القلوب برفق بقلم: مستشار محمود السنكري

خاطبوا القلوب برفق بقلم: مستشار محمود السنكري
مستشار محمود السنكري

ما أطيب الدنيا إذا تصافت القلوب وتناست العيوب وتجمّلت بحسن الأسلوب، فالحياة مهما امتدت ليست إلا أيامًا معدودة، والقلوب مهما اشتدت تظل رقيقة تتأثر بالكلمة الطيبة كما يتأثر الزهر بندى الصباح.

إن القلوب أوعية للأسرار ومرايا للوجدان، فإذا كسرت صعب جبرها، وإذا جرحت طال نزفها، لهذا كان الرفق في خطابها ضرورة لا ترفًا وسلوكًا أصيلاً لا اختيارًا عابرًا ،

فالقلوب لا تفتح بالقسوة ولا تستمال بالعنف، وإنما تطرق بمفاتيح الرحمة وتستدرج بخيوط الحنان.

كم من كلمة رقيقة أحيت روحًا خامدة، وكم من لمسة صادقة جبرت كسرًا غائرًا.

وما أكثر القلوب التي ذبلت حين لم تجد من يخاطبها بود، وما أروعها حين تجد من يحنو عليها كالغيث فيحييها بعد موات.

إن القلوب إذا اجتمعت على الصفاء زال بينها كل شقاق وتلاشى ما زرعته الأيام من جفاء وإذا صفت غدت كمرآة تعكس النور وكمحراب تنزل فيه الطمأنينة ، أما إذا غلظت غشاها صدأ الكراهية وتعكرت صفوها بأدران الحقد.

فلنحسن خطابها كما نحسن رعاية الورد؛ نزيح عنها شوك الغلظة ونرويها بماء العطف ونعرضها لشمس المحبة.

ولنتذكر أن الكلمة الطيبة صدقة وأن ابتسامة صافية قد تذيب جبلًا من همّ، وأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.

أيها الأحبة خاطبوا القلوب برفق، فالحياة لا تستحق نزيف الخصومات ولا تعب الأحقاد ولا ثقل الضغائن،

إنما تستحق أن نعيشها قلوبًا بيضاء تنبض بالصفح وتتنفس بالمحبة وتضيء في دروب الآخرين كنجوم تهدي العابرين في ليل طويل.

فليكن خطابنا للقلوب لحنًا من رحمة وحديثًا من لطف ورسالة من محبة، فما دمنا في رحلة قصيرة اسمها “الحياة” فلنزن حروفنا بموازين الرحمة،

ولنجعل من رفقنا جواز عبور إلى القلوب، فبذلك وحده تطيب الدنيا وتكتمل إنسانيتنا.خاطبوا القلوب برفق

بقلم: مستشار محمود السنكري

You May Have Missed