أمة عربية على حرب تجويع غزة شاهدة وأمام الصهيونية عاجزة.. بقلم مستشار محمود السنكرى
أمة عربية على حرب تجويع غزة شاهدة وأمام الصهيونية عاجزة
بقلم مستشار محمود السنكرى
عدد المسلمين في العالم يناهز المليارين، واثنان وعشرون دولة عربية تمتد من المحيط إلى الخليج، تملك من الثروات ما يكفي لإطعام العالم بأسره لعقود ، ومع ذلك يقف الجميع اليوم متفرجين على مجزرة العصر في غزة، حيث يتعرض أكثر من مليوني إنسان لحرب تجويع منظمة وحصار شامل لا يرحم يهدف إلى إخضاع شعب أعزل بوسائل تخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية.
لقد تحوّل الطعام إلى سلاح والماء إلى ورقة مساومة والدواء إلى حلم بعيد المنال ، أطفال غزة ينامون على صرخات الجوع، ونساؤها يتجرعن مرارة العجز أمام أطفال يذبلون بين أيديهن، بينما العالم “المتحضر” يكتفي ببيانات خجولة ونداءات باهتة، وكأن الجريمة الكبرى التي تُرتكب أمام الكاميرات مجرد مشهد عابر.
الأخطر من ذلك أن الكيان الصهيوني يستخدم أسلحة محرمة دولياً، ويجرّب على أجساد الفلسطينيين ترسانته المميتة، من الفسفور الأبيض إلى القنابل الارتجاجية، وسط صمت مطبق من المؤسسات الدولية التي تُفترض أنها حامية للإنسانية ، لكن يبدو أن القانون الدولي قد فُصّل ليُطبق على الضعفاء فقط أما الأقوياء ففوق كل محاسبة.
عجز عربي وصمت مريب
أمام هذه الكارثة الإنسانية تقف الأمة العربية عاجزة مكتفية بالاستنكار والشجب في بيانات بروتوكولية لا تُطعم جائعاً ولا تُنقذ جريحاً.
الأنظمة العربية التي تملك القدرة على قلب موازين المعركة دبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً تختار الصمت أو الحياد السلبي تاركة الشعب الفلسطيني يواجه مصيره وحيداً.
كيف يُعقل أن تُغلق المعابر في وجه المساعدات وأن يُترك شريان الحياة مقطوعاً بينما يئن أطفال غزة من الجوع؟ أليست هذه خيانة للمسؤولية التاريخية والإنسانية؟ أليست هذه وصمة عار على جبين كل من يملك القدرة على الفعل ثم يختار العجز؟
مسؤولية الأمة الإسلامية
أين الملياران مسلم مما يحدث؟ أليس فيهم قوة اقتصادية وسياسية قادرة على فرض إرادة؟ لماذا لا تُستغل الطاقات الهائلة للأمة لوقف نزيف الدم والجوع؟ أليس من المخزي أن تُترك غزة تواجه الموت بينما تُهدر الأموال على صراعات جانبية ومظاهر استهلاكية؟
إن مشهد غزة اليوم ليس مجرد مأساة فلسطينية بل هو امتحان للأمة كلها: امتحان للإرادة، للكرامة، للهوية. ومن يسقط في هذا الامتحان يكتب بيده شهادة عجزه وخضوعه.
في الختام..ما يحدث في غزة هو حرب إبادة بطيئة، تستخدم فيها إسرائيل سلاح التجويع لتطويع شعب لا يعرف الاستسلام. وصمت العالم العربي والإسلامي أمام هذه الجريمة ليس مجرد تقصير، بل هو تواطؤ بالصمت، وجريمة شراكة غير مباشرة.
إن غزة اليوم تُذبح أمام أعيننا، ومن لا يُحرّك ساكناً، فقد تنازل عن إنسانيته قبل أن يتنازل عن عروبته وإسلامه.
التاريخ لن يرحم، والأجيال القادمة ستسأل: أين كنتم حين جُوّعت غزة وقُصفت تحت الحصار؟