عالم من قريتنا!!! اعده ناصف ناصف
عالم من قريتنا!!!
اعده ناصف ناصف
يُعدّ أ.د. محمد محمد إبراهيم العسال
الشهيربابوالسعود
أحد أعلام الفكر الإسلامي المعاصر في مجال علوم القرآن الكريم والتفسير، حيث كرّس حياته لخدمة كتاب الله من خلال التدريس، والتأليف، والبحث العلمي، وتميّز بعمقه الأكاديمي، ومنهجيته الدقيقة، وبلاغته في عرض الأفكار؛ ما جعله نموذجًا للباحث الملتزم الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
السيرة الشخصية والتكوين العلمي
وُلد د. محمد العسال في 1 نوفمبر 1937م، بقرية كفر سنطيس، مركز دمنهور، محافظة البحيرة، شمالي مصر، وتوفي في 23 مايو 2000م عن عمر ناهز الثالثة والستين، ونشأ في بيئة ريفية تتسم بالبساطة والتدين؛ ما صقل شخصيته العلمية والروحية، وحصل على درجة الليسانس في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة عام 1975م، في شعبة التفسير والحديث، بتقدير جيد جدًا.
واصل مسيرته الأكاديمية بحصوله على درجة الماجستير عام 1979م في نفس الكلية، في شعبة التفسير وعلوم القرآن، بتقدير ممتاز، عن رسالته الموسومة بـ«موهم الاختلاف والتناقض في القرآن وآراء العلماء فيه»، وفي عام 1981م، نال درجة الدكتوراة بمرتبة الشرف الأولى، في كلية أصول الدين، عن رسالته بعنوان «الشيعة الإمامية وموقفهم من تفسير القرآن الكريم»، هذه المؤهلات عكست تمكّنه من علوم القرآن والتفسير، وأهّلته ليكون رائدًا في هذا المجال.
المسيرة الأكاديمية والوظيفية
بدأ د. العسال مسيرته الأكاديمية معيدًا بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر في 1 يناير 1976م، ثم تدرج في المناصب: مدرس مساعد عام 1979م، مدرس عام 1981م، أستاذ مساعد عام 1986م، وأستاذ كامل عام 1993م، خلال هذه الفترة، أسهم في تدريس علوم القرآن والتفسير، وأشرف على العديد من الأبحاث؛ ما جعله مرجعًا لطلاب العلم.
امتدت خبرته إلى جامعات عربية مرموقة، حيث عُيّن أستاذًا معارًا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1985م، ثم بجامعة الإمارات العربية المتحدة من عام 1987م إلى 1990م، وأستاذًا زائرًا بجامعة الإمام عام 1994م، وأستاذًا للتفسير وعلوم القرآن بجامعة البحرين عام 1997م، هذه التجارب عززت حضوره العلمي الدولي، وأتاحت له نشر علوم القرآن الكريم في أوساط أكاديمية متنوعة.
الإسهامات العلمية
ترك د. العسال إرثًا علميًا غزيرًا من خلال مؤلفاته التي تناولت علوم القرآن الكريم والتفسير بأسلوب منهجي وبلاغي، ومن أبرز مؤلفاته:
1- رسالة الماجستير (1979م): «موهم الاختلاف والتناقض في القرآن وآراء العلماء فيه»، تناولت الشبهات وردّها بمنهجية علمية.
2- رسالة الدكتوراة (1981م): «الشيعة الإمامية وموقفهم من تفسير القرآن الكريم»، قدمت دراسة نقدية لمواقف الشيعة من التفسير.
3- الألوهية والربوبية في القرآن الكريم (1411هـ/ 1990م): تناول قضايا التوحيد وصفات الله من منظور قرآني، مع الرد على الشبهات.
4- الإكليل في علوم التنزيل (1411هـ/ 1991م): ركز على التعريف بالقرآن، مصدره، نزوله، وفضائله، مع مناقشة اللهجات العربية.
5- مباحث في علوم القرآن: ناقش الرسم العثماني، آيات وسور القرآن، وفضائل القرآن.
6- جواهر البيان في علوم القرآن (1403هـ/ 1983م): تناول جمع القرآن، الوقف والابتداء، والمبهمات.
7- القراءات وردّ مطاعن المستشرقين (1411هـ/ 1991م): دافع عن تواتر القراءات ورد على شبهات المستشرقين، خاصة جولدزيهر.
8- البيان في علوم القرآن (1413هـ/ 1993م): ركز على قواعد التفسير، الإعجاز القرآني، وترجمة القرآن.
9- روائع البيان في علوم القرآن (1405هـ/ 1984م): ناقش وسائل الإقناع وفنون البلاغة.
10- تفسير سورة «يس»: قدم تفسيرًا تحليليًا شاملًا لسورة «يس»، مع التركيز على المناسبات والأحكام.
منهجه في التأليف
تميز منهج د. العسال بالدقة العلمية والشمولية، في كتابه «تفسير سورة يس»، اتبع منهجًا منظمًا يبدأ بمقدمة شاملة عن السورة، تشمل اسمها، ومكان وزمان نزولها، وفضلها، ومحتواها، ثم ينتقل إلى تفسير النص مع تحليل الألفاظ، وبيان الأحكام، ومناقشة القراءات، واستخلاص اللطائف البلاغية، هذا المنهج يعكس قدرته على الجمع بين التفسير النقلي والعقلي.
في “«جواهر البيان في علوم القرآن»، تناول قضايا جمع القرآن، والوقف والابتداء، والمبهمات، مع الرد على شبهات المستشرقين، وفي «الإكليل في علوم التنزيل» ركز على التعريف بالقرآن ومصدره، أما في «القراءات ورد مطاعن المستشرقين»، فقدم دفاعًا قويًا عن تواتر القراءات، هذه الأعمال تُظهر اهتمامه بالدفاع عن القرآن الكريم في مواجهة التحديات الفكرية.
الأثر الأكاديمي والفكري
كان للعسال أثر كبير في الحقل الأكاديمي الإسلامي، حيث ساهم في تخريج أجيال من طلاب كلية أصول الدين، ونشر علوم القرآن في الجامعات العربية، ومؤلفاته أصبحت مراجع أساسية، وتميزت بالرد على شبهات المستشرقين؛ ما عزز مكانة الأزهر كحصن للدفاع عن الإسلام، كما ساهم عمله في الجامعات العربية في تعزيز التواصل الفكري بين المؤسسات الإسلامية.
رحل د. محمد العسال في 23 مايو 2000م عن عمر ناهز الثالثة والستين، تاركًا إرثًا علميًا غنيًا، كان نموذجًا للعالم الملتزم الذي جمع بين العلم والتقوى، والدقة الأكاديمية والبلاغة، وإسهاماته في علوم القرآن والتفسير تظل شاهدة على تفانيه في خدمة كتاب الله، وتدعو إلى استلهام نهجه في الجمع بين الأصالة والمعاصرة، يبقى د. العسال رمزًا للعطاء العلمي.
منقول


