مقالاتدنيا ودين

” مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً”

متابعة ناصف ناصف

بقلم الأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية.

لا شك أن مقومات الهوية هي العناصر التي تجتمع عليها الأمة بمختلف أقطارها من وحدة عقيدة، ووحدة تاريخ، ووحدة اللغة، والموقع الجغرافي المتميز المتماسك، وأعظمها لا شك هي العقيدة والتي يمكن أن يذوب فيها بقية العناصر
هذه الهوية هي التي تتبناها النفس، وتعتز بالانتساب إليها، والانتماء لها، والانتصار لها، والموالاة والمعاداة على أساسها، فبها تتحدد شخصية المنتمى وسلوكه، وعلى أساسها يفاضل بين البدائل.
وبالنسبة للمجتمع تعتبر الحصن الذي يتحصن به أبناؤه، والنسيج الضام، والمادة اللاصقة بين لبناته، فإذا فقدت تشتت المجتمع، وتنازعته المنتاقضات.
والهوية الإسلامية في الحقيقة هي الانتماء إلى الله ورسوله وإلى دين الإسلام وعقيدة التوحيد التي أكمل الله لنا بها الدين وأتم علينا بها النعمة، وجعلنا بها الأمة الوسط وخير أمة أخرجت للناس،
و ينضوي تحتها كل مسلم أيًّا كان مكانه أو شكله أو لغته؛ فلأهل الإسلام مميزاتهم الخاصة بهم، والتي تجعلهم كلهم تحت مسمى واحد ومعتقد واحد. لقوله تعالى : “إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ” الأنبياء:92.
أنها لازمة لكل مسلم و لا يجوز لمسلم الخروج عنها ,أنها متميزة عمَّا عداها: وهذا التميز هو الذي يعطي كل قوم مقومات بقائهم، ويحفظ عليهم ثقافتهم وإيدلوجيتهم، فلا يذوبون في غيرهم ولذا شمل هذا التميز كل جوانب الحياة بداية من العقيدة ونهاية بالشكل الظاهر في الملبس والهيئة ,ومرورا بكل أمور الحياة العملية .
هي مصدر العزة والكرامة: لقوله تعالى : “مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً” فاطر:10، وقال عمر رضي الله عنه: ( إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العز في غيره أذلنا الله ).
وهويتنا دينية وأقصد بها: الإيمان بعقيدة هذه الأمة، والاعتزاز بالانتماء إليها، واحترام قيمها الحضارية والثقافية، والاعتزاز والتمسك بها، والشعور بالتميز والاستقلالية الفردية والجماعية، وهي غير قاصرة على الانتماء العربي ولا تتعارض مع الانتماء الوطني فالعربية وعاء الدين , والإسلام دين الشمول يتضمن كل الديانات وكل الرسالات السماوية .
والعربية لغة الدين , و لغة الدستورو لغة العقيدة وهي لغة الكتاب الذى أنزله الله على رسول الإنسانية لغة القرآن لقوله تعالى :”بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ “.
ومسألة حب الوطن مسألة قديمة قدم الإنسان، حيث لا تعارض بينه وبين مفهوم الهوية الإسلامية، بل المسلمون الصادقون من أشد الناس حباً لأوطانهم،
وللحفاظ على الهوية لابد من تعزيز الاعتزاز بالذات، ويأتي ذلك عن طريق تنمية الثقة لدي أفراد المجتمع المسلم في أمته وحضارته؛ فالأمة التي لا تثق بقدراتها، ولا تقدر إمكاناتها الذاتية حق قدرها؛ لا يمكن إلا أن تكون على الدوام ظلاً للآخرين، تابعة لهم، لا تعتمد إلا ما يقولون وما يفعلون ، إذ إن كل جماعة أو أمة تعوزها الهوية المتميزة ليمكنها المعيشة والمحافظة على وجودها؛ فالهوية هي التي تحفظ سياج الشخصية، وبدونها يتحول الإنسان إلى كائن فارغ غافل تابع مقلد؛ لأن للهوية علاقة أساسية بمعتقدات الفرد ومسلماته الفكرية، وبالتالي تحديد سمات شخصيته فتجعله إنسانًا ذا قيمة ولحياته معنى وغاية.
وحتى تتجلى لنا أثر الهوية الإسلامية في حياتنا لابد من تعميق الإحساس بقيمة خصوصية هويتنا و إيمانا بلغتنا العربية لغة القرآن ووعاء الإسلام وحرصا على اكتشاف أصالتها وإنماء لشخصيتها وإثراء لتراثها واستظهارا لدورها الحضاري على الصعيد العالمي وتعميقا لفهمها وإدراكها." مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً"

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى