متابعة- ناصف ناصف
بقلم الاستاذ الدكتور /ثروت حسين سالم أستاذ العقيدة والفلسفة ووكيل شئون التعليم والطلاب بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بكفر الشيخ
القارئ الكريم لاشك أن صلاح الإنسان في صلاح قلبه وهذا ما نحفظه من حديثه صلي الله عليه وسلم في قوله ” ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ…”. أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599)
أتذكر رجاء الخليل عليه السلام صلاح قلبه ،وحشره مع أصحاب القلوب النقية حيث أتبع دعاءه بدعوات المخلصين، وابتهل إليه-تعالى – ابتهال الأوابين. ثم وصله بذكر يوم القيامة، وثواب الله وعقابه،كما يقول العلامة الزمخشرى ت538هـ وفيه نقرأ قوله تعالى . ولاتخزني يوم يبعثون0 يوم لاينفع مال ولابنون0 إلا من أتي الله بقلب سليم. ..” سورة الشعراء من الآيات 87-89
القارئ النجيب :-إذا كانت الأبدان قد هاجرت وانتقلت عبر المكان من مكة إلي المدينة، فإن القلوب المتعلقة بها هاجرت أيضا فقد هجروا الوثنية إلي وحدانية الله والأنابة إليه ففيه الفلاح في الدارين ،هجروا الخوف إلى التوكل عليه تعالى 0معلنين محبة الخير لكل الناس ،داحضين الرزائل إلي الفضائل، فقد هجروا الأنانية إلي الإيثار .هجروا نهر السائلين وأصحاب الأعذار والحاجات إلي مساعدتهم والرأفة بهم ،هجروا قهر اليتامي إلي كفالتهم ورعاية حقوقهم ، هجروا الظلم إلي العدل0 فما أحوجنا إلي الاقتداء بفعلهم لتعمنا السعادة تلك أسس المجتمع الراقي وجبلة أهل الجنان وفيهم ثناء المولى بقوله ” وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ۖ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( سورة الأعراف الآية (43). المهاجر الحقيقي من هجر مانهي الله عنه. وهو عين كلام الصادق في حديثه صلى الله عليه وسلم “المسلم مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَن هجر ما نهى الله عنه يعني: المسلم الكامل الذي يسلم الناسُ من لسانه ويده، ولا يُؤذي الناس: لا بأقواله ولا بأفعاله بل يرقى إلى الطهارة القلبية ببعده عن الغل والحقد وسائر أمراض القلوب ، هذا هو المسلم الكامل 0 فهجرته إصلاح وتعاون علي البر والتقوى ،هجرته بعد عن إهلاك الحرث والنسل هجرته تشابك وتضامن لاتصدع واختلاف ،هجرته استفادة من أهل الاستنباط المقطوع بصحة رأيهم من المؤسسات الرسمية، هجرته تمسك بحبل الله المتين والاعتصام بكلمته تعالى، والنزول لرأى رسوله صلى الله عليه وسلم ،هجرته استئذان وتوقير في شتى بقاع الأرض ،هجرته بالفهم الصحيح بالجلوس لأهل الذكر المتفق عليهم من أولى الأمر ، هجرته نفع للبلاد والعباد هجرته إصلاح للنفس وتهذيبها ،هجرته فأل حسن وتطلع لآمال الحياة وزينتها نفعا للجميع
حقا إنها معان جسدتها الهجرة التي كانت فتحا ونصرا للعالمين ظاهرها وباطنها عموم قوله تعالي. وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.
حفظ الله مصرنا وبارك القائمين عليها وجعلها قبسا لأنوار الخير للناس أجمعين .