دنيا ودينمقالات

فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ”

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

متابعه / ناصف ناصف

” عندما ندقق النظر في عالمنا المعاصر نجد أن به دولاً تقدمت وارتقت، مع أن كثيراً منها لا يدين بالإسلام، فما السر إذن في تقدمها وارتقائها!!

السر ببساطة يعود إلى إتقانهم لأعمالهم أفراداً وجماعات، أضف إلى ذلك تعاونهم وعملهم بروح الفريق، وحبهم لأوطانهم.. إلخ، وكل هذه قيم إسلامية نبيلة أولى بنا – نحن المسلمين – أن نحرص عليها ونجعلها روح أعمالنا، فكل عمل يقوم به الإنسان المسلم بنيّة التقرب إلى الله عز وجل وعبادته هو عمل مقبول بإذن الله تبارك وتعالى ويجازي الله عز وجل عليه سواء أكان هذا العمل المراد به وجه الله تبارك وتعالى عملا دنيوياً أو عملاً أخروياً، وقد طالبنا رسول الله صلى الله عليه وسلـم وحثنا على إتقان العمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلـم في الحديث الصحيح : ( أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) ولعلّ هذ الحديث لرسولنا الكريم يختصر المشهد كله إذ يحثّ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلـم الناس عامة على إتقان العمل وعمله على أتم وجه وذلك لحب الله عزو وجل لهذا الأمر، فقد قال عز وجل مخاطبا الناس أجمعين في كتابه الكريم ” وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ” التوبة -105 وفي هذه الآية دليل واضح من الله عز وجل وتحذيرا منه تبارك وتعالى على ضرورة إتقان العمل فالإنسان يعمل بالدنيا والله عز وجل يشاهده ويراه وسوف يرى ذلك العمل الذي يعمله الإنسان يوم القيامة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلـم والمؤمنون أيضاً.

لذلك وجب على الإنسان بشكل عام والمسلم على وجه الخصوص إذا أراد أن يقوم بعمل معين مهما كان نوع العمل ووصفه فقد وجب الإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو معاشي صغيرا أو كبيرا فعل المسلم أن يتقن هذا العمل وأن يبتغي من ورائه وجه الله عز وجل ورضاه وإتقان العمل في الإسلام يعني أداء العمل بضوابطه في وقته المحدد، وبذل الجهد والفكر في تطويره وتجويده؛ ليعود نفع ذلك على أمة الإسلام وأفرادها .

فالإتقان ليس هدفاً سلوكياً فحسب ، بل هو ظاهرة حضارية تؤدي إلى رقي الجنس البشري ، وعليه تقوم الحضارات، ويعمر الكون ، وتثرى الحياة ، وتنعش، ثم هو قبل ذلك كله هدف من أهداف الدين يسمو به الإنسان ويرقى به وإخلاص العمل لا يكون إلا بإتقانه.

ومن أهم آثار عدم إتقان العمل الإساءة إلى الدين وتشويه صورته ، فالإسلام يأبى أن يأكل مسلم حراما بعدم إتقانه للعمل، والإسلام من أهم أخلاقياته الأمانة، والأمانة تقتضي من العامل وزيرا كان ام غفيرا رئيسا ومرؤوسا أن يقوم بعمله على أكمل وجه، وأفضل حال.، فعدم الإتقان يقف ضد الإنسانية جمعاء .

زر الذهاب إلى الأعلى