مقالات

فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا:للدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية

فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا:للدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية

فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

تؤكد تعاليم الدين الإسلامي على أن الإنسان في هذه الحياة في مرحلة عابرة، وأن الحياة الحقيقية هي حياة الأخرة التي يجازى فيها الإنسان ، وأن هذه الحياة فترة اختبار ، وعلى هذا الأساس فإن الإسلام يحث على الصبر على طاعة الله وفي مواجهة الحياة وما يعرض للإنسان من متاعب بروح الإيمان بالله واليوم الآخر، والتسليم لأمر الله وقدره، وعدم الجزع، ولا اليأس من رحمة الله.

والصبر من أكثر الأخلاق التي اعتنى بها دين الإسلام، وممّا يدلّ على ذلك كثرة تكراره في القرآن الكريم، فقد قال أحمد بن حنبل: إنّ الصبر مذكورٌ في القرآن نحو تسعين مرةً، فجاء في عدّة مواضع، منها ما كان بالأمر به، ومنها ما كان بالنهي عن ضده، وبعضها جاءت بربط الفلاح به، ومنها ما أخبرت أنّ أجر الصابرين مضاعفٌ عن غيرهم،

والصبر نقيض الجزع، وأصل الصبر في اللغة الحبس، فهو: حبس النفس عن الجزع، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فهو: حبس النفس عن محارم الله تعالى، وحبسها عن القيام بفرائضه، ومنعها عن الشكوى والسخط من أقداره، ويختلف الصبر عن التصبّر، والاصطبار، والمصابرة، والاحتمال، فإن كان هذا خُلُقاً للإنسان وسجيّةً فإنّه الصبر، وإن كان بتكلّفٍ مع ما يستصعبه من تجرّع مرارته فهو التصبّر، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ومَن يتصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ)، والاصطبار هو ابتداء اكتساب التصبّر، فإنّ كثرة تكرار التصبّر يجعله اصطباراً، أمّا المصابرة فيكون وقوعها بين اثنين في حال المخاصمة والمرابطة، ويتوقّف ذلك على التقوى، ويتجلّى ذلك في قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”، آل عمران -200 , وقوله تعالى : “فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا . إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا.وَنَرَاهُ قَرِيبًا “ . المعارج-5:7

“فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا” : دعوة من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه بالصبر على الدعوة والمدعوين صبراً جميلاً لا ضجر فيه ولا ملل, فالمعرضين يرون الحساب بعيداً وكأنه لن يكون, بينما هو عند الله واقع قريب, وعند الله الحساب وعنده تجتمع الخصوم فيحكم بالعدل والحق بين الجميع ويجازي كل عامل بما عمل. وهنا يتجلى جمال القرآن.. و بلاغة دعوة الله لعباده للصبر على الشدائد.

وأمر الله تعالى بالصبر، وحثّ عليه، وبيّن ما فيه من الأجر الكبير، وسبحانه وتعالى لم يحدّد جزاءً محدّداً للصابرين، وإنّما قال: “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ” , الزمر – 10 ولو لم يكن للصبر إلّا هذا الفضل لكفى، ووصف الله الصابرين بالمتقين، وهم كذلك في معيّة الله وحبّه ونصره. ويعدّ الصبر سبباً من أكبر أسباب الخوض في معترك الحياة، والقدرة على السير فيها، فالصبر هو المغزى والوسيلة لكلّ من أراد أن يصل إلى هدفه في الحياة الدنيا والأخرة من : تكفير السيئات، ومغفرة الذنوب، ومحو الخطايا، ودخول الجنّة، وهذا من أعظم ما يجنيه العبد من الصبر والقصد أن ملاحظة حسن العاقبة تعين على الصبر فيما يتحمله الإنسان باختياره وغير اختياره. إذن “اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ” .

فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا:للدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية
فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا:للدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى