مقالات

وَمَن يُؤمن بالله يهد قلبه 

وَمَن يُؤمن بالله يهد قلبه 

 المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على

عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

تمر بنا أوقات كثيرة نشعر فيها بالحزن، وتضيق صدورنا، ونحاول أن نبحث عن مخرج من هذا الشعور، أو نجد حلًا للمشكلات التي تؤرقنا دون جدوى.

لكن القرآن الكريم وضع لنا حلًا لكل شيء؛ حيث يقول تعالى: ” وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا‏” الطلاق- 3, والمعنى: ومن يتق الله في كل ما يأتي وما يذر، يجعل له مخرجا ومخلصا من غموم الدنيا والآخرة، فيندرج فيه ما نحن فيه اندراجا أوليا.

أي أن الذي يتقي الله يـدفع عنـه المضرة، ويجعل لـه مخرجا من أي كرب أو ضيق، ويجلب له مـن المنفعـة، بما ييسـره له مـن الرزق، والرزق اسم لكل ما يغتَذي به الإنسان، وذلك يعم رزق الدنيا والآخـرة‏. وقوله‏:‏ ‏{‏‏مَخْرَجًا‏}‏‏, أي من كل ما ضاق علي الناس،

إن الله تعالى قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه ومن آمن به هداه ، ومن أقرضه جازاه ، ومن وثق به نجاه ، ومن دعاه أجاب له . وتصديق ذلك في كتاب الله : ” وَمَن يُؤمن بالله يهد قلبه “التغابن- ١١

 أن من توكل العبد على ربه ومولاه في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، وفعل ما أمر به من الأسباب، مع كمال الثقة بتسهيل ذلك، وتيسيره “فَهُوَ حَسْبُهُ” أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به وهذه قاعدة قرآنية تؤكد إنّ التّوكّل على اللّه عزّ وجلّ مطلوب في كلّ شئون الحياة، بيد أنّ هناك مواطن كثيرة تحث على التوكل، وأثره على حياة العبد، فإن طلبت النّصر والفرج فتوكّل عليه “إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ”آل عمران- 160.

وإذا أردت أن يكون اللّه وكيلك في كلّ حال، فتمسّك بالتّوكّل عليه “وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا”النساء-81.

ومن كمال التوكلِ فعلَ الأسباب، لأن بعض الناس قد يظن خطأ أن التوكل يعني تعطيل الأسباب ؛فالتوكل الذي دعا إليه الإسلام هو الاعتماد على الله تعالى وتفويض الأمر إليه في جميع أمور الحياة مع الأخذ بالأسباب في العمل والسعي والتفكير للوصول للمراد، والإيمان بأنّ الله هو الميسّر للأمور وما أراد يحصل وما لم يرد لن يحصل مع الحرص على المحاولة. التوكّل يدفع الإنسان للاطمئنان على رزقه وحياته وعدم الخوف من الآخرين؛ لأنّ الله هو من يتولى شؤونه .وقد ربطت الآيات الكريمة الإيمان بالعمل، واعتبرت العمل الصالح شرط للإيمان في كثير من المواضع، منها قوله تعالى: “إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات” التين -6 , العصر -3 وقوله :”وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” التوبة -105 وغيرها .فالعمل والسعي في الآيات الكريمة يُنافي التواكل والتقاعس. كما أكدت السنة النبوية على العمل والأخذ بالأسباب حتى يتحقق النصر المبين بإذن رب العالمين .وَمَن يُؤمن بالله يهد قلبه 

زر الذهاب إلى الأعلى