متابعه / ناصف ناصف
• هو علم وجها للتحدي وبيان عظمة القرآن .
ومن الشعراء الذين أثروا مكتبتنا العربية في حديثه عن القرآن الكريم
الإمام البوصيري في قصيدة البردة التي مدح بها رسول الله – صلى
الله عليه وسلم – وهي على البحر البسيط ، فقال :
• دعني ووصف آيات له ظهرت
ظهور نار القرى ليلا على علم .
• فالدر يزداد حسنا وهو منتظم
وليس ينقص قدرا غير منتظم
• فما تطاول آمال المديح إلى
ما فيه من كرم الأخلاق والشيم
• آيات حق من الرحمن محدثة
قديمة صفة الموصوف. في القدم
• لم تقترن بزمان وهي تخبرنا
عن المعاد وعن عاد وعن إرم
• دامت لدينا ففاقت كل معجزة
من النبيين إذ جاءت ولم تدم
• محكمات فما يبقين من شبه .
لذي شقاق ولا يبغين. من حكم
• ما علم المناسبات ؟ وما أقسامه ؟ وماذا عن نشأته ؟
• المناسبة لغة : تأتي بمعنى المشاكلة ، يقال : بين الشيئين مناسبة وتناسب ، أي مشاكلة وتشاكل (١) وفلان يناسب فلانا أي
قريبه (٢) .
• وقد وردت هذه اللفظة في كتاب الله تعالى بهذا المعنى ، قال
تعالى : ” وهو الذي خلق من. الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ” سورة : الفرقان ، مكية الآية ٥٤ .
• وقوله تعالى : ” وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ” سورة الصافات : مكية الآية ١٥٨ .
• المناسبة : اصطلاحا : ” تقاربت أقوال العلماء في وضع تعريف
علمي للمناسبة بين آيات القرآن وسوره ، وذلك بعد ظهوره
باعتباره علما قائما بذاته ، وأكتفي بتعريف برهان الدين البقاعي
لشموله ، إذ عرفه رحمه الله بقوله : “
” علم مناسبات القرآن : علم تعرف منه علل ترتيب أجزائه وهو
سر البلاغة لأدائه إلى تحقيق مطابقة المعاني لما اقتضاه الحال(٣) .
• نشأة علم المناسبات :
• مما تميز به كتاب الله – عز و جل – وبه كان التحدي ، بلاغته
وفصاحة ألفاظه وجمالها ، وذلك الترابط والتناسب العجيب بين
آياته وسوره ، الأمر الذي أعجز من تحداهم الله تعالى به عن
الإتيان ولو بآية مثله – فعجزوا وانقطعوا دونه ، وقد طالبهم
النبي – صلى الله عليه وسلم – مظهرا لهم النكير ، مسفها آراءهم
وأحلامهم حتى ناصبوه الحرب ، فهلكت فيه النفوس ، وقطعت
الأرحام ، وذهبت الأموال .
• ولو كان ذلك في وسعهم لم يتكلفوا هذه الأمور الخطيرة (٤)
وذلك لما لمسوه فيه من حسن ترابط وجمال ألفاظ ، وما التناسب إلا جزء من هذه البلاغة والفصاحة التي أدركها فصحاء
العرب ، وكذلك أدركها الصحابة رضوان الله عليهم .
• يقول البقاعي : – وقد كان أفضل العرب يعرفون هذا بما في سليقتهم من أفانين العربية ، ودقيق مناهج الفكر البشرية ، ولطيف أساليب النوازع العقلية ، ثم تناقص العلم حتى انعجم
على الناس وصار إلى حد الغرابة كغيره من الفنون (٥) .
• وقد جاء عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه قال : ” إذا سأل
أحدكم صاحبه كيف يقرأ آية كذا وكذا فليسأله عما قبلها (٦)
فكأنه أراد بقوله – رضي الله عنه – أن التناسب بين الآيات يعين
على فهم المراد منها .
• ذكر الزركشي : – أن أول من أظهر علم المناسبة في بغداد هو
أبو بكر النيسابوري وأنه كان غزير العلم في الشريعة والأدب ، وكان يقول على الكرسي إذا قرئت عليه الآية : لم جعلت هذه الآية جنب هذه ؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب
هذه السورة ؟ وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بعلم المناسبة (٧) .
• ثم أخذ هذا العلم صورة مستقلة جامعة ، وظهرت كتب تفسير
تعني بإبراز المناسبات في جميع سور القرآن الكريم ، وكانت البداية بكتاب الرازي – التفسير الكبير – ثم توالت المؤلفات بعد
ذلك (٨) .
• موقف العلماء من علم المناسبات :
• إن البحث في المناسبات بين الآيات يعين المفسر على بيان
معنى الآية ، ولكن تفسير كلام الله – جل وعلا – ليس بالأمر
الهين ، فالخوف من القول على الله بغير علم جعل الكثير من
العلماء يتحرزون من التعمق في هذا الباب ، ولذلك وضع العلماء
شروطا للمفسر عليه أن يلتزم بها ، وحدودا عليه ألا يتجاوزها .
• والباحث في المناسبة عليه أن يعمل فكره للربط بين الآيات
وأن يكون على حذر من. ليي المعاني للوصول إلى مايراه عقله
وتفكيره . ومن هنا كان الخلاف بين علماء التفسير على البحث
عن علم المناسبات في السور .
• ما أقسام علم المناسبات ؟
▪︎ علم المناسبات علم دقيق ، يعتمد على قوة المستنبط وفطنته
في كشف العلل والحكم والترابط ، وفضلا عن مدى تعلق بعضه
بالبعض الآخر .
• قال الزركشي : ” الذي. ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل
شيء عن كونها مكملة لما قبلها وما سيقت له .(٩) .
• وعليه يمكن. تقسيم علم المناسبات إلى قسمين : (١٠) .
• القسم الأول : المناسبات بين السور ، وهي كما يأتي :
• مناسبة محور السورة لما قبلها وما بعدها .
• مناسبة مطلع السورة لخاتمة السورة التي قبلها .
• مناسبة خاتمة السورة لمطلع السورة التي بعدها .
▪︎ القسم الثاني :
• المناسبات داخل السورة الواحدة ، كما يلي :
• مناسبة مطلع السورة للمقصد الذي سيقت له ، وذلك براعة استهلال .
• مناسبات بين آيات السورة الواحدة ومقاطعها ، واعتلاقها ببعضها وارتباطها وتناسقها .
▪︎ مناسبة فواصل الآي للآية التي ختمت بها ، ومنها مناسبة أسماء الله الحسنى .
• مناسبة مطلع السورة لخاتمتها .
▪︎. ما أشهر المؤلفات التي تناولت المناسبة القرإنية ؟ :
١ -جامع البيان عن. تأويل آي القرآن :لأبي محمد بن جرير الطبري .
٢ – التفسير الكبير : لمحمد بن عمر بن الحسين الرازي .
٣ – إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم : لأبي. السعود
العمادي .
٤- نظم الدرر في. تناسب الآي والسور : لبرهان الدين إبراهيم بن
عمر البقاعي .
٥ – التحرير والتنوير : لمحمد الطاهر بن عاشور .
٦ – غرائب القرآن وغرائب الفرقان : نظام الدين أبو بكر النيسابوري.
٧ – تفسير الباب في علم الكتاب : لابن عادل عمر بن علي الحنبلي.
٨- البحر المحيط : لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي.
—————————————————— :
(١) مرتضى الزبيدي ، محمد بن محمد بن عبد الرازق ، تاج العروس
: ٤ / ٢٦٥ . (٢) ابن منظور : لسان العرب : ١ / ٧٥٦
(٣) البقاعي ، إبراهيم بن عمرو بن حسن الرباط ، نظم الدررفي تناسب الآيات والسور : ١ / ٦ (٤) الخطابي ، أبوسليمان حمد بن
محمد البستي ، بيان إعجاز القرآن ص١٢. (٥) البقاعي ، إبراهيم
بن عمرو بن حسن الرباط : مصاعد النظر للإشراف على السور:
١ / ١٥٤ .
(٦) الزركشي : البرهان في علوم القرآن : ١ / ٧١ .
(٧) بازموا : علم المناسبات في السور والآيات : ص ٢٤ .
(٨) الزركشي : البرهان في علوم القرآن : ١ / ٣٧ ( ٩) ينظر
بازمول محمد : علم المناسبات في. السور والآيات : ص٤٤ .