تحقيقاتثقافة

علم المناسبات 

دكتوره : شمس راغب عثمان أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب والعلوم الإنسانية الجامعة الإسلامية بولاية منيسوتا.الولايات المتحدة الأمريكية 

متابعه / ناصف ناصف

• هو علم وجها للتحدي وبيان عظمة القرآن .

ومن الشعراء الذين أثروا مكتبتنا العربية في حديثه عن القرآن الكريم

الإمام البوصيري في قصيدة البردة التي مدح بها رسول الله – صلى

الله عليه وسلم – وهي على البحر البسيط ، فقال :

• دعني ووصف آيات له ظهرت

ظهور نار القرى ليلا على علم .

• فالدر يزداد حسنا وهو منتظم

وليس ينقص قدرا غير منتظم

• فما تطاول آمال المديح إلى

ما فيه من كرم الأخلاق والشيم

• آيات حق من الرحمن محدثة

قديمة صفة الموصوف. في القدم

• لم تقترن بزمان وهي تخبرنا

عن المعاد وعن عاد وعن إرم

• دامت لدينا ففاقت كل معجزة

من النبيين إذ جاءت ولم تدم

• محكمات فما يبقين من شبه .

لذي شقاق ولا يبغين. من حكم

• ما علم المناسبات ؟ وما أقسامه ؟ وماذا عن نشأته ؟

• المناسبة لغة : تأتي بمعنى المشاكلة ، يقال : بين الشيئين مناسبة وتناسب ، أي مشاكلة وتشاكل (١) وفلان يناسب فلانا أي

قريبه (٢) .

• وقد وردت هذه اللفظة في كتاب الله تعالى بهذا المعنى ، قال

تعالى : ” وهو الذي خلق من. الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ” سورة : الفرقان ، مكية الآية ٥٤ .

• وقوله تعالى : ” وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ” سورة الصافات : مكية الآية ١٥٨ .

• المناسبة : اصطلاحا : ” تقاربت أقوال العلماء في وضع تعريف

علمي للمناسبة بين آيات القرآن وسوره ، وذلك بعد ظهوره

باعتباره علما قائما بذاته ، وأكتفي بتعريف برهان الدين البقاعي

لشموله ، إذ عرفه رحمه الله بقوله : “

” علم مناسبات القرآن : علم تعرف منه علل ترتيب أجزائه وهو

سر البلاغة لأدائه إلى تحقيق مطابقة المعاني لما اقتضاه الحال(٣) .

• نشأة علم المناسبات :

• مما تميز به كتاب الله – عز و جل – وبه كان التحدي ، بلاغته

وفصاحة ألفاظه وجمالها ، وذلك الترابط والتناسب العجيب بين

آياته وسوره ، الأمر الذي أعجز من تحداهم الله تعالى به عن

الإتيان ولو بآية مثله – فعجزوا وانقطعوا دونه ، وقد طالبهم

النبي – صلى الله عليه وسلم – مظهرا لهم النكير ، مسفها آراءهم

وأحلامهم حتى ناصبوه الحرب ، فهلكت فيه النفوس ، وقطعت

الأرحام ، وذهبت الأموال .

• ولو كان ذلك في وسعهم لم يتكلفوا هذه الأمور الخطيرة (٤)

وذلك لما لمسوه فيه من حسن ترابط وجمال ألفاظ ، وما التناسب إلا جزء من هذه البلاغة والفصاحة التي أدركها فصحاء

العرب ، وكذلك أدركها الصحابة رضوان الله عليهم .

• يقول البقاعي : – وقد كان أفضل العرب يعرفون هذا بما في سليقتهم من أفانين العربية ، ودقيق مناهج الفكر البشرية ، ولطيف أساليب النوازع العقلية ، ثم تناقص العلم حتى انعجم

على الناس وصار إلى حد الغرابة كغيره من الفنون (٥) .

• وقد جاء عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه قال : ” إذا سأل

أحدكم صاحبه كيف يقرأ آية كذا وكذا فليسأله عما قبلها (٦)

فكأنه أراد بقوله – رضي الله عنه – أن التناسب بين الآيات يعين

على فهم المراد منها .

• ذكر الزركشي : – أن أول من أظهر علم المناسبة في بغداد هو

أبو بكر النيسابوري وأنه كان غزير العلم في الشريعة والأدب ، وكان يقول على الكرسي إذا قرئت عليه الآية : لم جعلت هذه الآية جنب هذه ؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب

هذه السورة ؟ وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بعلم المناسبة (٧) .

• ثم أخذ هذا العلم صورة مستقلة جامعة ، وظهرت كتب تفسير

تعني بإبراز المناسبات في جميع سور القرآن الكريم ، وكانت البداية بكتاب الرازي – التفسير الكبير – ثم توالت المؤلفات بعد

ذلك (٨) .

• موقف العلماء من علم المناسبات :

• إن البحث في المناسبات بين الآيات يعين المفسر على بيان

معنى الآية ، ولكن تفسير كلام الله – جل وعلا – ليس بالأمر

الهين ، فالخوف من القول على الله بغير علم جعل الكثير من

العلماء يتحرزون من التعمق في هذا الباب ، ولذلك وضع العلماء

شروطا للمفسر عليه أن يلتزم بها ، وحدودا عليه ألا يتجاوزها .

• والباحث في المناسبة عليه أن يعمل فكره للربط بين الآيات

وأن يكون على حذر من. ليي المعاني للوصول إلى مايراه عقله

وتفكيره . ومن هنا كان الخلاف بين علماء التفسير على البحث

عن علم المناسبات في السور .

• ما أقسام علم المناسبات ؟

▪︎ علم المناسبات علم دقيق ، يعتمد على قوة المستنبط وفطنته

في كشف العلل والحكم والترابط ، وفضلا عن مدى تعلق بعضه

بالبعض الآخر .

• قال الزركشي : ” الذي. ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل

شيء عن كونها مكملة لما قبلها وما سيقت له .(٩) .

• وعليه يمكن. تقسيم علم المناسبات إلى قسمين : (١٠) .

• القسم الأول : المناسبات بين السور ، وهي كما يأتي :

• مناسبة محور السورة لما قبلها وما بعدها .

• مناسبة مطلع السورة لخاتمة السورة التي قبلها .

• مناسبة خاتمة السورة لمطلع السورة التي بعدها .

▪︎ القسم الثاني :

• المناسبات داخل السورة الواحدة ، كما يلي :

• مناسبة مطلع السورة للمقصد الذي سيقت له ، وذلك براعة استهلال .

• مناسبات بين آيات السورة الواحدة ومقاطعها ، واعتلاقها ببعضها وارتباطها وتناسقها .

▪︎ مناسبة فواصل الآي للآية التي ختمت بها ، ومنها مناسبة أسماء الله الحسنى .

• مناسبة مطلع السورة لخاتمتها .

▪︎. ما أشهر المؤلفات التي تناولت المناسبة القرإنية ؟ :

١ -جامع البيان عن. تأويل آي القرآن :لأبي محمد بن جرير الطبري .

٢ – التفسير الكبير : لمحمد بن عمر بن الحسين الرازي .

٣ – إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم : لأبي. السعود

العمادي .

٤- نظم الدرر في. تناسب الآي والسور : لبرهان الدين إبراهيم بن

عمر البقاعي .

٥ – التحرير والتنوير : لمحمد الطاهر بن عاشور .

٦ – غرائب القرآن وغرائب الفرقان : نظام الدين أبو بكر النيسابوري.

٧ – تفسير الباب في علم الكتاب : لابن عادل عمر بن علي الحنبلي.

٨- البحر المحيط : لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي.

—————————————————— :

(١) مرتضى الزبيدي ، محمد بن محمد بن عبد الرازق ، تاج العروس

: ٤ / ٢٦٥ . (٢) ابن منظور : لسان العرب : ١ / ٧٥٦

(٣) البقاعي ، إبراهيم بن عمرو بن حسن الرباط ، نظم الدررفي تناسب الآيات والسور : ١ / ٦ (٤) الخطابي ، أبوسليمان حمد بن

محمد البستي ، بيان إعجاز القرآن ص١٢. (٥) البقاعي ، إبراهيم

بن عمرو بن حسن الرباط : مصاعد النظر للإشراف على السور:

١ / ١٥٤ .

(٦) الزركشي : البرهان في علوم القرآن : ١ / ٧١ .

(٧) بازموا : علم المناسبات في السور والآيات : ص ٢٤ .

(٨) الزركشي : البرهان في علوم القرآن : ١ / ٣٧ ( ٩) ينظر

بازمول محمد : علم المناسبات في. السور والآيات : ص٤٤ .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى