مقالات

الطين هو الأصل البعيد للإنسان

متابعة ناصف ناصف

دكتوره : شمس راغب عثمان

أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب والعلوم الإنسانية .الجامعة الإسلامية بولاية منيسوتا.الولايات المتحدة الأمريكية .

• قال تعالى : ” ومن آياته أن خلقكم من تراب ، ثم إذا أنتم بشر

تنشرون” سورة الروم مكية : الآية ٢٠

 ” ومن آياته ” تعالى الدالة على قدرته . ” أن خلقكم من تراب ” أي أصلكم .” تراب ” أي أصلكم آدم عليه السلام. ” ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ” في الأرض . تفسير الجلالين .

• والتراب ميت ساكن ومنه نشأ الإنسان . وفي موضع آخر في القرآن

الكريم جاء : ” ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ” سورة

المؤمنون . آية ١٢ فالطين هو الأصل البعيد للإنسان . ولكن هنا يذكر هذا الأصل ويعقبه مباشرة بصورة البشر متحركين . للمقابلة

في المشهد والمعنى بين التراب الميت الساكن والبشر الحي المتحرك . وذلك بعد قوله : ” يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ” تنسيقا للعرض على طريقة القرآن .

• وهذه المعجزة الخارقة آية من آيات القدرة . وإيحاء كذلك بالصلة الوثيقة بين البشر وهذه الأرض التي يعيشون عليها ؛ والتي ، والتي يلتقون بها في أصل تكوينهم .

• والنقلة الضخمة من صورة التراب الساكن الزهيد إلى صورة الإنسان المتحرك الجليل القدر . . نقلة تثير التأمل في صنع الله ؛

وتستدعي الضمير للحمد والتسبيح لله تعالى .

• ومن مجال الخلقة الأولى لنوع البشر ينتقل إلى مجال الحياة

المشتركة بين جنسي البشر ، قال تعالى : ” ومن آياته أن خلقكم

لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة .

إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ” سورة الروم : الآية ٢١ .

• والناس يعرفون مشاعرهم تجاه الجنس الآخر ، وتشغل أعصابهم ومشاعرهم تلك الصلة بين الجنسين ؛ وتدفع خطاهم

وتحرك نشاطهم تلك المشاعر المختلفة الأنماط والاتجاهات بين

 الرجل والمرأة .

• ولكنهم قلما يتذكرون يد الله التي خلقت لهم من أنفسهم أزواجا

وأودعت نفوسهم هذه العواطف والمشاعر ، وجعلت في تلك الصلة سكنا للنفس والأعصاب ، وراحة للجسم والقلب ، واستقرار

للحياة والمعاش ، وأنسا للأرواح والضمائر ، واطمئنانا للرجل والمرأة على السواء .

• والتعبير القرآني اللطيف يصور هذه العلاقة تصويرا موحيا ،

وكأنما يلتقط الصورة من أعماق القلب وأغوار الحس : ” لتسكنوا إليها ” .. ” وجعل بينكم مودة ورحمة ” .. ” إن في. ذلك لآيات

لقوم يتفكرون “.. فيدركون حكمة الخالق في خلق كل من الجنسين على نحو يجعله موافقا للآخر . ملبيا حاجته الفطرية :

نفسية وعقلية وجسدية . بحيث يجد عنده الراحة والطمأنينة والاستقرار ؛ ويجدان في اجتماعهما السكن والاكتفاء ، والمودة

والرحمة ، لأن تركيبهما النفسي والعصبي والعضوي ملحوظ فيه

تلبية رغائب كل منهما في الآخر ، وائتلافهما وامتزاجهما في. النهاية لإنشاء حياة جديدة تتمثل في جيل جديد يعبد الله الواحد الأحد ، ومن أجل عمارة الأرض .

• قال تعالى ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون “

• وورد في كتاب النكاح ، عن عبد الله بن مسعود ” رضي الله عنه قال ” قال. رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ” : ” يامعشر الشباب من استطاع منكم

الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم. يستطع فعليه بالصوم ؛ فإنه له وجاء ” متفق عليه

” وجاء ” أي وقاية .

زر الذهاب إلى الأعلى