مقالات

وَبَشِّرِ المؤمنين

متابعة ناصف ناصف

المقال الاسبوعى ا.د. : مفيدة ابراهيم علي، عميدة كلية الدراسات الإسلامية

عندما يزداد الابتلاء،و تشتد الأزمات، وعندما تنفد الأسباب، و تضيق الصُّدور،… إلخ، حينها تتطلَّع النفسُ الموصولة بالله تعالى إلى بُشرى تثبِّت الأقدام وتشرح الصدور، تتطلَّع النفوس إلى بشرى مادِّية أو معنوية، والبشرى هذه عندما تأتي والحال كذلك تكون غاليةً، وتزيد العبدَ ثقةً بربِّه سبحانه وتعالى، وأنه سبحانه حاشاه أن يتخلَّى عن أوليائه؛

فجاء القرآن الكريم لتبشير المؤمنين بالخير العظيم من ربِّ العالمين، وعلى نهج القرآن كان النبي صلى الله عليه وسلَّم؛ فقد كان يعلِّم أصحابه رضي الله عنهم أن يستبشروا بالخير والفضل.

والله عز وجل قد أمر نبيه أن يبشر المؤمنين بأن لهم عنده فضلا كبيرا ، وقد بين تعالى الفضل الكبير في قوله تعالى : ” وَبَشِّرِ المؤمنين بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ الله فَضْلاً كَبِيراً” الأحزاب – 47″ : أى : عطاء كبيرا ، وأجرا عظيما ، ومنزلة سامية بين الأمم .

 والبشارة في الدنيا تشمل الثناء الحسن، والمودة في قلوب الخلق، والرؤيا الصالحة، وما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال ويسوق له رزقاً حسناً أو يعني انفتاحاً في الواقع وفرجاً ومخرجاً يصرف عنه شراً، و المعنى اللغوي للبشرى يدور حول الخبر السار والمفرح، والحسن والجمال الذي يظهر على الوجه هذه مبشرات، الدنيا و في الآخرة تبدأ من نزول الموت، وقبض الروح،

 والبشرى في الاصطلاح تعني نقل الأخبار السارة التي تحمل النفع والمسرة والاستبشار بحصول الخير لمن نقل إليه الخبر, ولقد حرص النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يغرس هذا المفهوم في نفوس الصحابة رضوان الله عليهم؛ ليزدادوا ثقةً على ثقتهم، وإيمانًا على إيمانهم، ويقينًا على يقينهم،

 بل كان رسولنا الكريم يحثُّ على تبشير الناس بالخير؛ فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعَث أحدًا من أصحابه في بعض أمره، قال: ((بشِّروا ولا تُنفِّروا، ويسِّروا ولا تُعسِّروا

وقال تعالى: ﴿ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [النمل: 1 – 3

  وفي هذه الحياة الدنيا التي فيها ما يملأ قلوب المؤمنين خوفًا ووجلًا من الاقتراب منها، تأتي البشارة من الله تعالى لهؤلاء المؤمنين بأن لهم في الجنة من النعيم المقيم ما يَسعدون به ولا يشقَون أبدًا..

فقد بشَّر الله عباده المؤمنين كثيرًا في كتابه الكريم منهم المؤمنون: ” وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ “، بشَّرهم بماذا؟ لم يذكر رب العالمين؛ ليدل على عِظَم البشارة وشمولها لخير الدنيا، وسعادة الآخرة , و المخبتون: في قوله تعالى: ” وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ” [الحج: 34، 35, و الصابرون: لقوله تعالى: ” وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ” البقرة: 155 – 157 و المحسنون: لقوله عز وجل: ” وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ” الحج: 37 وغيرهم , هكذاجاء القرآن الكريم لتبشير المؤمنين؛ فقد قال الله تعالى: ” التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ” التوبة-112.

زر الذهاب إلى الأعلى