عاجل

إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ "للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات

إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ "للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات

المقال الاسبوعى. للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

 متابعة/ ناصف ناصف

لقد نظم الإسلام العلاقات ووضع قيما إنسانية قابضة بحيويتها وفاعلة بقوة تأثيرها في جوانب حياتنا وقادرة على تهذيب الغرائز البشرية وربطها بما يجعلها منتظمة لتناسب البيئة التي يعيشها الإنسان.

ولعل بعض أحكام الفروض وأجلها تتلخص في أنه تقوى لله عز وجل ، وامتثال لأمره وقهر للهوى، وانتصار على النفس ، وتهيئة للمسلم في مواقف التضحية وضبط للجوارح ، وكبح للشهوات ، وصحة للجسم ، ومكفر للسيئات ، وألفة وإخاء،. كل هذه قد وردت مجملةً، في قوله تعالى :”لعلكم تتقون” ،وهي التقوى، ويقصد بها الخوفُ من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل . وقد أمرنا – سبحانه وتعالى- بالتقوى، فقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ “التوبة:119

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم) رواه مسلم

وقال تعالى: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ” الحجرات: 13.

فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى العباد أي إلى أجسامهم ولا ينظر إلى شيء من هذا أبدًا، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، فجعل العملَ مع القلب فليس بين الله وبين خلقه صلة إلا بالتقوى، فمن كان لله أتقى كان من الله أقرب، وكان عند الله أكرم.

وقوله عليه الصلاة والسلام: (ولكن ينظر إلى قلوبكم) ، فالقلوب هي التي عليها المدار.

فإنَّ القلب هو الأساس، فمتى صلح القلبُ صلحت الأعمالُ، فلو كان الإيمانُ في القلب صحيحًا موجودًا لمنعنا من المعاصي، فالواجب على العبد أن يتَّقي الله، وأن يحذر التَّعلقات التي تضرُّه وتُغضب الله عليه، فإيمانك إذا صحَّ في قلبك حملك على أداء الفرائض، وعلى ترك المحارم، ومتى وُجد منك الخللُ في بعض الواجبات، فذلك دليلٌ على ضعف إيمانك، وكلما زاد الضَّعفُ صار الخطرُ أكبر، وربما توالى حتى يزول الإيمانُ بالكلية.

وهكذا المعاصي: كلما زادت ضعف القلبُ، وضعف الإيمان، وربما جرَّه ذلك إلى الانسلاخ من الإيمان بناقضٍ من نواقض الإسلام؛ ولذا نظر المولى عزّ وجلّ إلى القلب، لأنه محل التقوى، والتقوى هي وصية الله للأولين والآخرين وهي أشرف ما عمَّر القلوب، وهي التي تصلح بها الأعمال، فإذا صلحت هذه المضغة بالتّقوى، صلح الجسد كلُّه، وذلك بما يصدر عنه من العمل الصَّالح. فالقلوب هي التي عليها المدار

وهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين لنا أن التفاضل بين الناس ليس بصورهم ولا أجسادهم ، ولكن بما وقر في قلوبهم من إيمان بالله ، وإخلاص ويقين ومراقبة وحب وخشية لله وإذا كان الله تعالى في كتابه، و رسوله الكريم في سنته يؤكدان إصلاح النية؛ فالواجب على الإنسان أن يصلح نيته، يصلح قلبه، ينظر ما في قلبه من الشك، فيزيل هذا الشك إلى اليقين. بتقوى الله عز وجل.

أ . د / مفيدة إبراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية

زر الذهاب إلى الأعلى