ثقافةفن

بحر العلوم

للشاعر محمد الشرقاوي من ديوانه العاشر ( نبع الأشواق )

بقلم / محمد الشرقاوي

سألتُ النجومَ سألتُ البحارْ

سألتُ الكواكبَ عند المدارْ

سألتُ القوافيَ يومًا تغنَّتْ

بوجهٍ يُنيرُ كشمسِ النهارْ

سألتُ المدائنَ في كُلِّ أرضٍ

عن الفكرِ حين يَفكُّ الحصارْ

سألتُ المجامعَ وصفًا بليغًا

عن العقلِ حين يصوغُ القرارْ

سألتُ المطابعَ عَمَّن أرادتْ

لتصنعَ في الكونِ خيرَ ازدهارْ

سألتُ الجوائزَ في كُلِّ فرعٍ

إلي أيِّ دربٍ تُريدُ المسارْ

سألتُ الشبابَ عن العزمِ حقًّا

وعن نُيِلِ قصدٍ سألتُ الكِبارْ

أجابَ الجميعُ بصدقٍ وفخرٍ

وجاء الجوابُ لنا باختصارْ

فصابرُ يُونسَ بُستانُ زهرٍ

يبوحُ الجمالَ لإنسٍ ودارْ

وصابرُ في العِلمِ قُطبٌ عظيمٌ

يُصافِحُ في العهدِ باني الجِدارْ

وفي النقدِ نهجٌ بليغٌ فريدٌ

يصولُ بحرفٍ سما باقتدارْ

وفي الشعرِ نهرٌ روى كُلَّ أرضٍ

فجادت سريعًا بأشهى الثمارْ

وفي الفقهِ نَجمٌ وفي الضادِ كَنزٌ

ومعجمُ نحوٍ يحوزُ انبهارْ

إذا ما أشرتَ لقاصٍ ودانٍ

تجمَّّع شعبٌ بدونِ انتظارْ

إذا ما تحدثتَ أصغتْ عقولٌ

تغنَّتْ عصورًا بِحُسنِ ابتكارْ

ولاسمكِ حظٌّ مِن الصبرِ تسمو

بهِ فوقَ حقدِ جهولٍ يَغارْ

وبالعلمِ تبقى مدى الدهرِ حيًّا

وغيرُكَ يلقى سريعَ احتضارْ

عهِدتُكَ عونًا لطلابِ مجدٍ

بنصحٍ يُعانقُ أغلى انتصارْ

وقلبُك نبعٌ لجودٍ وعطفٍ

أعانَ الجميعَ برفقٍ وسارْ

ينادي الشعوبَ لِعِزٍّ ونصرٍ

يُجيرُ الضعيفَ ويحمي الديارْ

ويدعو إلي النورِ في كل صدقٍ

فالبصدقِ يحظى بتاجِ الوقارْ

ويؤنِسُ قلبًا دعا نحو سلمٍ

ويؤنَسُ حتى بعينِ الصغارْ

ويكتبُ في المجدِ أزهى فصولٍ

ويصمدُ إنْ ساد فِكرُ الفِرارْ

ويغضبُ للحقِّ بالحقِّ حتى

تعودَ العدالةُ أقوى شِعارْ

ويكشِفُ كيدَ العِدا كُلَّ يومٍ

وللشرقِ يأبى حياةَ انكسارْ

فكم طار حرفُكَ في كُلِّ وادٍ

فكان كما الغيثِ يروى القِفارْ

وكم حاز نهجُك حبًّا وعشقًا

فصار دليلًا وأمسي فَنارْ

وكم سار نَجمُك يوقِظُ شعبي

ليسموَ فوقَ أشدِّ اختبارْ

فأصبحتَ حقًّا دواءً لداءٍ

أشاعَ الخضوعَ لباغي الدمارْ

وللطامعين بِلا أيِّ رفقٍ

حروفُكَ قصفٌ ورعدٌ ونارْ

فيا فارسًا في دروبِ المعالي

لكَ الحقُّ عونٌ ينيرُ المسارْ

قصيدي ينالُ بِكم كُلَّ فَخرٍ

ويُبدي عن السهوِ كُلَّ اعتذارْ

زر الذهاب إلى الأعلى