مقالات

لَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ

لَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ

 

متابعة ناصف ناصف

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

“”

 لنعلم ان لكل منا خصوصية ولا يحق للبعض ان يطلع عليها ويكشفها حتى ان الاسلام وضع هناك خبيئة (هي عبادة السرّ والخفاء) بينك وبين الله فلو تجسس الناس على بعضهم البعض لانكشفت الامور.وعلى الناس ان يتراحموا ويبعدوا عن كل مايسبب الأذى للأخرين .

فقد انتشرت في المجتمع آفة الحسد ويجب في البداية ان نعرف معنى الحسد: (هو تمنى زوال ما عند غيرك من خير او ملك حتى يحصل الحاسد عليه). و الحاسد لا يستطيع العيش في راحة أو سرور وهو يرى الناس مستمتعين بحياتهم، فيراقب هذا وذاك حتى وصل للبعض ان ينشر طرقا وحيلا لكيفية التجسس على الأزواج وغيرهم من الاهل والأقارب. قال رسولنا الكريم 🙁 لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) فيأمرنا ديننا الحنيف، بأن على المسلم ان ينشغل بتطوير ذاته ومهاراته ويصقل روحه، حتى يقل الحسد وتشيع في المجتمع المحبة والألفة وصفاء النفس..وقد قيل قديماً: (من راقب الناس مات هماً ). 

وقال تعالى: ” إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ “هذا وعد من الله، انه لا يفلح ساحر وان يبطل عمله وحسبي الله ونعم الوكيل فيمن يضر مسلما. وفي حياتنا كثير من المواقف التي تتعلق بالحسد فهو مرتبط بالغيرة حيث تغار النساء من بعضهن البعض وكذلك الرجال يغارون من بعضهم البعض. 

ومما ينبغي أن نعلمه أولاً أن كل ما يجري في هذا الكون، إنما هو بتقدير من الله تعالى، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن؛ فيعيش المؤمن بهذه العقيدة شجاعاً واثقاً بأن الله تعالى مقدر الأرزاق والآجال، مستحضراً قوله سبحانه :” قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ” التوبة:51. ولكن من حكمة الله تعالى أنه جعل للعين تأثيراً بإذن منه سبحانه، وقد دَّل على ذلك القرآن، وسنة رسوله, وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين). وهذا لا يخرج عن كونه قدراً من الله تعالى، والواجب أن يدفع القدر بالقدر، فالعين قدر، وذكر الله ودعاؤه قدر كذلك. وقد أمرنا الله جل وعلا أن نستعيذ به من شر حاسد إذا حسد، فأرشدنا إلى أن ندفع شر حسد الحاسد بالاستعاذة بالله سبحانه وتعالى لقوله : ” قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِن شَرِّ مَا خَلَقَ* وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ* وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ* وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَد” .الفلق 1-5

والتحذير من اشتهاء ما فضّل الله تعالى به الناس بعضهم على بعض لقوله :”َلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ” النساء -32, وهذا فيه التَّحذير من الحسد، وهو من سيئ الأخلاق، وهو ظلم وتسخط لقدر الله، ولهذا حذَّر منه النبيُّ عليه الصلاة والسلام ، قال:( إياكم والحسد؛ فإنَّ الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النارُ الحطبَ)، وهذا وعيد عظيم.

ودواء ذلك وعلاجه أن يُعالج الإنسان نفسه ويُجاهدها حتى يذكر أخاه بالخير قولًا، و فعلًا ، وحتى لايجمع الحاسد بين الحسد والظلم، فالحسد مميت , و الحسد يضيع الفرحة,ويضيع صحة ويضيع راحة البال, نسأل الله العفو والعافية.

  أ.د/ مفيدة إبراهيم على عبد الخالق -عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى