متابعة/ ناصف ناصف
• وقع في هذا الشهر أحداث عظام في هذه الأمة . وفي غيرها من الأمم ، كان لها آثار عظيمة ونتائج مؤثرة ، ومن أهم ماحدث في شهر المحرم ، وخاصة يوم عاشوراء ، إهلاك فرعون ، ونجاة نبي الله موسى – عليه السلام -.
• شاء الله تعالى : أن ينقل عباده بين مواسم طاعاته ، ويفتح لهم أبواب فضله ، وأغدق عليهم بآلائه ومننه ؛ فمع رحيل عام
وبداية عام جديد ، موسم للمغفرة والرحمات والعفو عن الزلات
وقد وسع الله لعباده أبواب المغفرة والرحمة في نهاية العام وأوله
، فشرع سبحانه لعباده مواسم عشر ذي الحجة في ختام العام ؛ ففتح فيها عباده كلهم حجاجا وغير حجاج أبواب الرحمات ، ويرجى لمن صام يوم عرفة أن يغفر الله له ذنوب
عامين ، ويبدأ المسلم عامه الجديد بصوم يوم عاشوراء ؛ ليغفر
الله ذنوب سنة ؛ فما أعظم فضل الله على عباده ؟! وما أوسع رحمته – عز و جل ؟!
• وقد ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – شهر المحرم ، وحث على الإكثار من الصيام فيه ، وسماه شهر الله ، وهذا يظهر شيئا من
فضائل شهر المحرم ؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي
– صلى الله عليه وسلم – قال : – أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة
الصلاة في جوف الليل ، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر
الله المحرم – رواه مسلم .
• وقد وقع في هذا الشهر أحداث عظام في هذه الأمة ، وفي غيرها من الأمم ، كان لها آثار عظيمة ومؤثرة ، ومن أهم ما حدث في شهر المحرم ، وخاصة يوم عاشوراء ، إهلاك فرعون
وجنوده ؛ ونجاة نبي الله موسى – عليه السلام .
• إن هذا الحدث يوم عظيم من أيام الله – تعالى – ينبغي علينا
أن نتذكر ونتأمل فيه قال تعالى : – وذكرهم بأيام الله – إبراهيم ٥ ،
وإن من يتأمل الوقائع والاحداث عبر السنين والأعوام ، تيقن
أن الله تعالى – يداول بين الأيام بين الناس ، فقد ظن جبابرة
كثيرون أن الدنيا قد استسلمت لهم ، وأنهم عليها غالبون ، وأن
القرار لهم ، والغلبة والسيطرة لهم ، فهذا فرعون علا فى الأرض
وأفاد فيها ، يستحي النساء ، ويقتل الرجال ، ، ويشرد ويدمر
ويقتل ، ورفع نفسه فوق منزلته ، وظن أنه رب يعطي ويمنع
، ويحي ويميت ، ويفعل ما يحلو له ، غير آبه بأحد ، فلما استكبر وطغى ، وفجر وبغى ، أخذه الله أخذ عزيز مقتدر ، وأهلكه ودمره ودمر جنوده .
• إن في إهلاك الله للظالمين الطغاة آية كونية ، وراحة للبلاد
والعباد وإظهار ا لقدرة الله سبحانه في خلقه وعظمته وجلاله
وكبريائه ؛ يملي الظالمين والطغاة فتعلوأ كلمتهم ، وتفشوا قوتهم
وتعظم سطوتهم ، حتى يظنوا في أنفسهم السيادة والعلو والروعة
والعزة والمنعة ، وأنهم في ممالكهم ممكنون ، وفي عسكرهم وحرسهم آمنون ، يأمرون وينهون ، ويقربون ويعزلون الخير ما
استحسنوه والشر ماعادوه ؛ فتحق عليهم كلمة الله سبحانه ، فيهلكهم ويجعل إهلاكهم من محامده وفضله – سبحانه – على خلقه ، قال تعالى :- فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله
رب العالمين – الأنعام ٤٥ .
• فضلا عن أن إهلاك الظالمين يفتح باب الأمل أمام المستضعفين
لنصر من الله وفتح قريب قال تعالى :- ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون – إبراهيم ٥ – ٦
• إن النبي – صلى الله عليه وسلم – لما هاجر إلى المدينة وجد
اليهود يعظمون يوم عاشوراء ويصومونه ، فكان له موقف وتوجيه في ذلك ، فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي
– صلى الله عليه وسلم – لما قدم المدينة ، وجدهم يصومون يوما،
يعني عاشوراء فقالوا : – هذا يوم عظيم ، وهو يوم نجى الله فيه موسى ، وأغرق آل فرعون ، فصام موسى شكرا لله ، فقال
أنا أولى بموسى منهم فصامه وأمر بصيام – رواه البخاري .
• فالطاعة أفضل صور شكر المنعم – تبارك وتعالى – فصام صلى الله عليه وسلم – هذا اليوم وأمر المسلمين بصيامه ، وجعل في
صومه أجرا كبيرا ، فلما سئل – صلى الله عليه وسلم – عن صيام
يوم عاشوراء ، قال :- أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله – رواه مسلم .
• ولكنه – صلى الله عليه وسلم – أراد لهذه الأمة أن تجمع بين
الخيريتين ؛ خيرية طاعة الله تعالى وشكر نعمة إهلاك الظالمين
وإنجاء المؤمنين . وخيرية مخالفة المشركين ، فنصح للمؤمنين أن
يخالفوا المشركين في احتفائهم بهذا اليوم ، فعن عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما – قال : حين صام رسول الله – صلى الله
عليه وسلم – يوم عاشوراء وأمر بصيام قالوا : – يا رسول الله إنه
يوم تعظمه اليهود والنصارى ؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع ،
قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رواه مسلم .
• التخيير في صيامه :
• عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : كان عاشوراء يصام قبل رمضان ، فلما نزل صيام رمضان كان من شاء صام ومن شاء
أفطر – وفي رواية : – كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية ، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصومه في
الجاهلية ، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فرض
رمضان ترك يوم عاشوراء ، فمن شاء صامه ، ومن شاء تركه –
أخرجه البخاري ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي وأحمد .
• عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية – رضي الله عنه –
يقول : – سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : –
هذا يوم عاشوراء ، ولم يكتب الله عليكم صيامه ، وأنا صائم
، فمن شاء فليصم ، ومن شاء فليفطر – أخرجه البخاري ومسلم
والنسائي ، وابن حبان .
• عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم-
يأمر بصيام عاشوراء ويحثنا عليه ، ويتعاهدنا عنده ، فلما فرض
رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ، ولم يتعاهدنا عنده – أخرجه مسلم
وأحمد وابن خزيمة .
• قال تعالى – : – وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا – الحشر ٧ .
• إن الله – تعالى – فرض طاعته على العالم فرضا مطلقا لا شرط
فيه ولا استثناء ، ومن أعظم ما تقرب به المتقربون لله – عز و جل – طاعة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومن يطع الرسول
فقد أطاع الله . وأن الله تعالى أوجب على الناس التأسي به
قولا وفعلا مطلقا بلا استثناء فقال سبحانه وتعالى :- لقد كان لكم
في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر
وذكر الله كثيرا – الأحزاب مدنية ٢١ .
• فإذا أرادت هذه الأمة خيرية وسعادة ورفعة ، فلتحرص على
متابعة سنة النبي الأمين – صلى الله عليه وسلم – وعلى مخالفة سنن المشركين .
• ومن الأحداث الجسام في هذا اليوم أيضا ما أصاب الأمة المسلمة
من مقتل أحد أفاضلها وكبرائها ، فقد فجع المسلمون باستشهاد
الحسين بن علي- رضي الله عنهما ولا شك أن مقتله – رضي الله
عنه – مصيبة يفرح بها العدو ويساء بها المحب ، وقد ساء المسلمين مقتل ريحانة النبي – صلى الله عليه وسلم – وابن ابنته ، ولم يفرح بهذه المصيبة إلا المفسدون والخونة من السبئيين وغيرهم .
• وإن الشرع المطهر علمنا أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت
أحد ولا لحياته ، ومع ذلك يحدث في هذا اليوم من منكرات الروافض الشيء الكثير ، ويحدث فيه من البدع والمحدثات أمور
كثيرة ، لا يرضاه شرع ولا يقرها دين ، وإنما هي أفعال جاهلية
وأمور باطلة ، لاترد ميتا ولاتنصر حقا ، بل تولد حقدا وتنشر جهلا وبدعا ، فهل يستطيع علماء الأمة جمع كلمتها وتوحيد صفها
قبل أن تضيع قوتها ؟ . نسأل الله تعالى الخير كل الخير والهداية
للطريق القويم للناس أجمعين وللإنسانية في كل مكان وزمان إنه
وحده جل شأنه القادر على ذلك ثم علينا جميعا الأخذ بالأسباب .
• سبحانك لا علم لنا إلا ماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم وصل
اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا
أن الحمد لله رب العالمين .
زر الذهاب إلى الأعلى