متابعة/ ناصف ناصف
الحمد لله الذي جعل القرآن تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة للمؤمنين وجمع فيه أصول الدين وفروعه وأصلح به الدنيا والدين . وصلاة وسلاما على سيدنا محمد عبده ورسوله أكمل
الخلق وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .
• لا شك أن الهروب من النار والنجاة منها مطلب لكل مؤمن بالله
واليوم الآخر ، وفوق ذلك هو الفوز يوم القيامة ، قال تعالى :
” فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ” . (١)
• وهو أعظم فوز أن تزحزح أي تبعد عن النار وتدخل الجنة .
• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله
– صلى الله عليه وسلم – يقول : ” عينان لا تمسهما النار : عين
بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله ” (٢)
• يوجهنا النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث إلى سببين للنجاة من النار ، هما : البكاء من خشية الله ، والحراسة
في سبيل الله .
• والبكاء من خشية الله تعالى أصدق بكاء تردد في النفوس ،
وأقوى مترجم عن القلوب الوجلة الخائفة ، والعين التي تذرف
الدموع من خشية الله لن تمسها النار ، لأن العين تتبع القلب
، فإذا رق القلب دمعت العين ، وإذا قسى القلب قحطت العين .
وخشية الله : أي الخوف من جلاله وعظمته .
• قال الإمام ابن القيم ” رحمه الله ” : ” ومتى أقحطت العين
من البكاء من خشية الله تعالى ، فاعلم أن قحطها من قسوة
القلب ، وأبعد القلوب من. الله : القلب القاسي ” .
• وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يستعيذ من. القلب
الذي لا يخشع ، فيقول : ” اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع
، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا
يستجاب لها ” (٣)
• كما أن البكاء من. خشية الله تعالى سبب للرحمة يوم العرض
على. الله – عز و جل – ، فعن. أبي. هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” سبعة يظلهم الله في. ظله
، يوم لا ظل إلا ظله … وذكر منهم : ورجل ذكر الله. خاليا
ففاضت عيناه ” (٤)
• عين باتت تحرس في. سبيل الله :
• تعد. الحراسة في سبيل الله من أعظم مراتب الجهاد ؛ لأن الحراس إما أن يكونوا في مقدمة الصفوف لقتال الأعداء ، أو
يسهرون بالليل لحماية الجيش من الأعداء ، يقول. الإمام ابن
النحاس : ” اعلم أن الحراسة في الله من أعظم القربات ، وأعلى
الطاعات ، وهي أفضل أنواع. الرباط ، وكل من حرس المسلمين
في موضع يخشى عليهم فيه من العدو فهو مرابط .
• وقال. الإمام المناوي : ” سوى بين العين. الباكية والحارسة ؛
لاستوائهما في سهر الليل لله ، فالباكية بكت في جوف الليل
خوفا لله ، والحارسة سهرت خوفا على دين الله .
• من فوائد الحديث :
• أن النار لا تمس عينا بكت خوفا من الله تعالى ، فعندما يتذكر
الإنسان عظمة الله وقدرته على عباده ويتذكر حاله وتقصيره
في حق الله تعالى ، فيبكي رجاء رحمته وخوفا من عقابه وسخطه ، فهذا موعود بالنجاة من. النار .
• وعين أخرى ” لا تمسهما النار ” ، وهي : من باتت تحرس في
سبيل الله تعالى في الثغور ومواضع إلا قتتال حفاظا على أرواح المسلمين .
• وقوله : ” لا. تمسهما النار ” هذا من إطلاق لفظ الجزء وإرادة
الكل ، والمراد : أن من بكى من خشية الله تعالى ومن بات
يحرس في سبيل الله ، فإن الله تعالى يحرم جسدهما على النار .
• فضل البكاء من خشية الله والحراسة في سبيل الله لما فيهما
من. صدق. الإيمان. وكمال المراقبة .
• ” سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم “
———————————————:
(١) سورة : آل عمران : مدنية من الآية ١٨٥ .
(٢) رواه الترمذي وحسنه ، وصححه الألباني . (٣) رواه مسلم .
(٤) رواه. البخاري ومسلم .