تحقيقاتدنيا ودينمقالات

كل مختال فخور للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية

للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية

متابعه/ ناصف ناصف

وقد أرسل الله عز وجل محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس كافة هاديًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فجاء عليه الصلاة والسلام يأمر بكل فضيلة، وينهى عن كل رذيلة، وفي الحديث: (إنَّما بُعثتُ لأتمم مكارمَ الأخلاقِ ).ومن الأخلاق العظيمة التي دعا إليها الإسلام وتربى عليها المسلمون خلقُ التواضع. وقد دعا عليه الصلاة والسلام إلى التواضع، بقوله: فيما معناه (إنّ الله أوحَى إليَّ أنْ تواضعوا حتى لا يَفْخَر أحد على أحد ولا يَبغي أحد على أحد.)

والتواضع صفة محمودة تدل على طهارة النفس وتدعو إلى المودة والمحبة والمساواة بين الناس وينشر الترابط بينهم ويمحو الحسد والبغض والكراهية من قلوب الناس. وقيل: هو تعظيم من فوقه لفضله.

والتواضع صفة من صفات المؤمنين والمؤمنات، وقد حَثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الإلتزام بها، وحَضّ المؤمنين على الابتعاد عن التكبر، الذي ينتهي بصاحبه إلى الدَّرْك الأسفل من النار، لأنّ التواضع في غير مَذلّة ولا مَهانة خلق يليق بالعبد المسلم. ويوحي بروح المساواة و يدعو إلى عدم التكبر والخيلاء أو الإعراض عن الناس لهذا يقول تعالى:”ولا تصعر خدك للناس ولاتمش في الأرض مرحا إن الله لايحب كل مختال فخور” لقمان – 18 .لهذا فعلينا بالتواضع الذي هو زاد الملوك ولأنه صفة حميدة وعلينا بالتواضع حتى في المشي وأن ننهي أنفسنا عن الخيلاء والعجب بأنفسنا لأن الله يقول :”ولاتمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ” الإسراء ا- 37 , والتواضع وهو بذل الاحترام, أو العطف والمجاملة لمن يستحقُّه- فهو خلق يكسب صاحبه رضا أهل الفضل من الناس ومودتهم, وهو الطريق الذي يدخل بالشخص في المجتمع, ويكون به عضوًا ملتئمًا مع سائر الأعضاء التي يتألف منها جسد نُسمِّيه الأُمَّة؛ فالتواضع أنجح وسيلة إلى الائتلاف والاتحاد اللذين هما أساس التعاون على مرافق الحياة وجلائل الأعمال.وقال تعالى يدعو رسوله الكريم إلى هذا الخلق العظيم:” وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ” الحجر -88.

فقد يستكبر االبعض؛ ظنًّا منهم أنَّ في الاستكبار رفعة, والحقيقة أن ابتغاء الرفعة من طريق التواضع أنجح من التوصل إليها بغيرها؛ فالتواضع الحكيم يورث المودة, ومن عمَّر فؤاده بمودتك امتلأت عينه بمهابتك.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمت والمتواضع من يعرف قدره, ولا يأبى أن يرسل نفسه في وجوه الخير، وما يقتضي من حسن المعاشرة).

قال ابن المبارك: (رأس التَّواضُع أن تضع نفسك عند مَن هو دونك في نعمة الدُّنْيا حتى تُعْلِمه أن ليس لك بدنياك عليه فضل، وأن ترفع نفسك عمَّن هو فوقك في نعمة الدُّنْيا، حتى تُعْلِمه أنَّه ليس له بدنياه عليك فضل). وكان أبو العباس المبرد عندما يرى أبا بكر الأبهري مقبلًا ينهض قائمًا حفاوة وإجلالًا، فخطر على بال بعض أصحابه أنَّه تجاوز حدَّ التواضع، وأن أبا بكر لا يستحقُّ هذا القدر من الإجلال، وشافَه المبرد بهذا الخاطر، فقال المبرد : إذا ما رأيناه مقتبلًا حللنا الحبا وابتدرنا القِياما فلا تنكرنَّ قيامي له فإنَّ الكريم يجلُّ الكراما.

زر الذهاب إلى الأعلى