تحقيقاتتقاريردنيا ودينعاجل

العلاقة بين المال والأخلاق

كتب/ د .على شرشر

بداية تعد الأخلاق من أعظم الصفات التى يتصف بها أي إنسان ولذا وصف الله بها رسوله الكريم النبى الأمى الأمين محمد صلى الله عليه وسلم فقال فى محكم التنزيل”وإنك لعلى خلق عظيم” كما تعد من أعظم فضائل الإسلام، كما أن المال هو من الضروريات الخمس فى الإسلام حيث إنه وسيلة الإنسان للإستمرار فى حياته الدنيوية ولذلك فهو مكلف بالسعى والعمل دون أن يكون مسعاه هذا مضرا بمصالح المجتمع الذى ينتمى اليه ولذلك كانت مقالتي هذه بعنوان العلاقة بين المال والأخلاق. يمكن أن نستطيع تحديد العلاقة بين المال والأخلاق من خلال فهمنا الصحيح لتعاليم الإسلام الحنيف فنجدها هى علاقة طردية حيث إذا سادت الأخلاق الحسنة كان كسب المال والمعاملة فيه حلالا واذا سادت الأخلاق السيئة كان كسب المال والمعاملة فيه حراما أوكما قال الدكتور محمود أبو زيد استاذ المعاملات المالية بجامعة طيبه حينئذ يصبح فقر مع الحلال خيرا من غنى مع الحرام.، والناظر فى الحياة يجد أن المجتمع فيه صراعات بين المكاسب المادية والمبادئ الأخلاقية حيث أن المكاسب المادية السريعة تعتمد أساسا على اللا أخلاقيات ومن هنا كان التعارض بين المال المغرى والمبادئ الاخلاقية بل واذا استدعى الأمر التنازل عن القيم والشرف إذ تعتبر هذه القيم متغيرات أمام المكسب المادى المغرى الذى اعتبرة ثابتا فى حياته، واذا نظرنا لأحوال نجد أن الإنسان قد يحتمل بعض الأفعال أو الأقوال الغير أخلاقية من رؤسائه فى العمل حتى يسير العمل ويكون محبوبا لدى رؤسائه، لذلك يجب أن نجيب على التساؤل الملح الذى يفرض نفسه فى هذه المقالة ألا وهو هل نتخلى عن مبادئنا وقيمنا من أجل المال ؟ للإجابة على هذا السؤال ننظر إلى أحوال الناس نجد أن الكثير منهم يتركون مجال عملهم إلى عمل آخر ربما يكون أقل فى الأجر نظير تمسكهم بالمبادئ الأخلاقية الحسنة وأن سبب تركهم لعملها هو سوء أخلاق رؤسائهم فى العمل إما أن يرجع ذلك للفساد الاخلاقى فى القول أو الفعل أو اتباع الروتين أو لكثرة وجود المحسوبيات التى تؤثر على التدرج الوظيفى ولذلك فقد أجاب هؤلاء الذين تركوا أعمالهم نظير الفساد الأخلاقى عن سؤال مهم ألا وهو… السعادة فى المال أم الأخلاق؟ إنهم وجدوا أنهم سعداء بتمسكهم بالمبادئ الأخلاقية الحسنة فلقد آمنوا بأن الثابت هو السعى على المال ولكن المال لا يشترى السعادة، وقال الشاعر أحمد شوقى وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت …. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ، صلاح أمرك للأخلاق مرجعه …. فقوم النفس بالأخلاق تستقم، واذا أصيب القوم فى أخلاقهم ….. فأقم عليهم مأتما وعويلا.، وفى استطلاع للرأى قام به الدكتور على شرشر فى عدة قرى من محافظة كفر الشيخ للنظر فى هل أيهما اهم المال ام الأخلاق وهل السعادة تكون مع المال أم الأخلاق نجد أن الفئة الفقيرة التى تعيش فوق خط الكفاف أجابوا بأنهم سعداء بل فى غاية السعادة أما بسؤال الاغنياء منهم فقد أجاب بعضهم بأنهم سعداء والبعض الآخر أجاب بلا وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم بأحوال العباد فأراد أن يفسر لنا ذلك فقال لو أن لأحدكم جبلا من ذهب لتمنى الثانى ولو كان لأحدكم جبلين لتمنى الثالث كأنه يريد أن يقول السعادة فى القناعة لذا فإن النجاح والإحساس بالنجاح هو ما يجعل الناس سعداء ولذلك فإن مؤسسات المجتمع المدنى التى تبنى على أساس أخلاقى فهى ناجحة وأن العاملين بها يسعون إلى مزيد من النجاحات لهذه المؤسسات لشعورهم واحساسهم بالسعادة التى تعتبر مصدرا للإلهام والمزيد من العطاء، ونذكر هنا قول الشافعى أنطقت الدراهم بعد صمت أناسا بعدما كانوا سكوتا …. فما عفوا على أحد بفضل ولا عرفوا لمكرمة ثبوتا، وقال آخر لست أرى السعادة جمع مال ولكن التقى هو السعيد، أخيرا أحب فى نهاية المطاف أن نقول بأن الأموال المرتبطة بقيم الأخلاق والأمانة والإنصاف والإحسان تمثل مكونا أساسيا من مكونات السعادة وحب العطاء .

زر الذهاب إلى الأعلى