مقالات

**خيانة المرأة بين القرآنية والأعراف**

عمار جواد الوراد
العراق

ما اعتدناه بفطرة الأعراف والنشأة وقيم القبيلة والعشائرية وللوهلة الأولى ان الخيانة لا تعدوا فراش الزوجية، ولان موضوع المقال حساس جدا بل انه بالغ الحساسية وذا خطورة كبيرة على الفرد والمجتمع كمنظومة؛ يهم جل الناس وينتقل ما بين العائلة والعشيرة فلا بد من الوقوف على الخيانة تعريفا وانواعا ومضمونا قرآنيا.
اذ اننا نتناول الخيانة بصفتها ظاهرة مجتمعية لها المساس بحياة العامة والخاصة فلا ضير من معرفة أنواعها وأسباب وجودها وجلنا يعلم ان تلك الظاهرة – الخيانة الزوجية – ظاهرة قديمة ليست ببعيدة وخافية على الناس فضلا على انها ذكرت في القران الكريم ولكن بمفهوم غير الذي الفته الأعراف.
ففي اللغة: هي نقيض الأمانة، من خانه خونا وخيانة ومخانة واختانه فهو خائن.
واما في الاصطلاح: هي الاستبداد بما يؤتمن الانسان عليه من الأموال والاعراض والحرم، اذ عرفها الراغب الاصفهاني (الخيانة تعني التفريط في الأمانة) وعرفها الفيروز ابادي بانها (ان يؤتمن الانسان فلا ينصح) فالخيانة هي نقض الأمانة والوفاء.
ومن ذلك فان الخيانة: هي ظاهرة سلبية تسود مجتمع ما تختلف باختلاف محيطها من سنن وعادات تظهر في العلاقة الزوجية الطبيعية بسبب المؤثر الخارجي او السلبيات الداخلية الذاتية للزوجين تؤدي الى هدم الاسرة وتفكيكها نتيجة الصراع بين الزوجين ولها العديد من الأسباب منها المؤثر الخارجي كالأهل والأصدقاء والطمع فضلا عن اختلاف العمر والمستوى التعليمي كذلك انعدام الثقة وانعدام الوازع الديني لأحدهما او كلاهما وأسباب اخرى . ينظر: الخيانة الزوجية الأسباب والعلاج، أحمد مدالله الطراونة.
ان للخيانة العديد من الأنواع وعلى رأسها خيانة الله والرسول، وخيانة الدين، وخيانة العرض والعهد، وخيانة الأصدقاء، والأمانة، والاخوة، والملح، والعشرة، وخيانات اخر ولأن الدين هو الرابط الحقيقي والميزان لربط المجتمعات والضابطة الأساس لمنهجة الحياة الزوجية وضبط ايقاعها عبر القران عن زوجتي نبييه نوح ولوط عليهما السلام بانهما خانتاهما ” ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ” التحريم 10 ولم يقصد القران خيانة الفراش لا سامح الله وانما كان أكثر بعدا وأعمق معنى من ذلك لكون خيانتهما خيانة دين وهي أبشع الخيانات وأكثرها قبحا بعد خيانة الله والرسول ” ذلك انها خيانة للنعمة التي بدونها لا يكون الانسان انسانا، ولا يعيش الا كما تعيش البهم السائبة، بلا شرع ضابط ولا قانون رابط” موسوعة التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.
فلعل الصورة التي رصدها القران الكريم في أمراتي نبييه كانت من اشد صور الخيانة للدين فمتعلق الخيانة هو خيانة الدين بالكفر والتجسس وافشاء اسرار البيت لا خيانة العرض فامرأة نوح كانت تطلع على سر زوجها فكلما آمن أحد به أخبرت الجبابرة من قومه، واما امرأة لوط فكانت أذا ضاف لوطا أحد خبّرت به اهل المدينة ممن يعمل السوء.
ان حفظ الأسرار أدب أخلاقي عام، والأسرار الزوجية أشد خصوصية عن أي أسرار أخرى، سواء كانت تلك الأسرار خاصة بالعلاقة الزوجية أو بمشكلات البيت، وإفشاء الأسرار من شأنه أن يجهض الولاء للأسرة عامة وللحياة الزوجية خاصة ويزرع الشكوك والظنون وانعدام الثقة، كما أن طيران المشكلة خارج البيت يعني استمرارها، خصوصاً إذا وصلت إلى أهل الزوجة فلن يكون الحكم عادلاً في الغالب لأنهم يسمعون من طرف واحد، وقد تأخذهم الحمية تجاه بناتهم، ينظر: خزانة الاسرار الزوجية، د خالد سعد النجار.
ولذلك جاء في الحديث الشريف قوله: صلى الله عليه واله “خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك” فالطاعة في الامر وحفظ المال في الغيبة وعدم افشاء اسرار البيت الخاصة والعامة ركائز من شأنها ان ترص سند العلاقة الزوجية فضلا عن حفظ النفس وسرور النظرة قال تعالى: “فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله” النساء:34.
والرسالة التي تتجلى مما تقدم ان الخيانة بمفهومها القرآني بعيدة كل البعد عما تتناقله الأعراف ويتناوله المجتمع والذي يركز على ان خيانة المرأة مفهومها واحد هو – فراش الزوجية – الا ان القران الكريم ابعد معنى واوسع دائرة فكل من افشت سر بيتها ونقلت مضان زوجها الخاصة وفتحت مصارع أبواب التدخل لمن هب ودب من الاهل والاقارب في مكنونات حياتها الزوجية دون علم زوجها دخلت في دائرة الخيانة القرآنية والتي عنونها القران بخيانة الدين وبالتالي الكفر.

زر الذهاب إلى الأعلى