عاجل

الآباء المثاليون (الكماليون) بقلم د/شيماء الظن

الآباء المثاليون (الكماليون) بقلم د/شيماء الظن

بقلم د/شيماء الظن

مهتمون بأن يفعل ابنائهم “وكل المحيطين بهم” كل شيء بشكل سليم (حسب وجهة نظرهم)، مهوسون بأدق التفاصيل ولديهم العديد من السمات الشخصية الغير محببة والتي تنفر مَن حولهم وبالأخص الأبناء. ومن تلك السمات ما يلى:

ناقدون ومهتمون بأدق التفاصيل

المثاليون ينظرون بعين ناقدة لكل التفاصيل وأدقها ولديهم قدرة هائلة على إكتشاف الخطأ أو الشيء خارج الخطة التي وضعوها لمجريات الأحداث وتحركات الأبناء للدرجة التي تجعلهم ينتقدون بعض الإيجابيات لكونها لم ترتقى للمستوى الذى توقعوه.

يقوموا بوظائف التوجيه والتوعية والإرشاد للأبناء بقائمة طويلة من القواعد و اللازم والمفرووض والمحظور تخص الطعام والشراب واللعب والمذاكرة والكلام والخروج والدخول واللبس. التوجيه المستمر لمهام وتفاصيل كثيرة ليجد الطفل نفسه مُرهق و مُشتت الطاقة والتركيز.

وكل ما هو خارج هذه القواعد يُنتقد بشدة. والنقد اللاذع المستمر يؤدى بالطفل لحالة من الخزى وخاصة ذلك النقد المصحوب بوصف الطفل بالفاشل، أو مقارنته المستمرة بأقرانه من أبناء الأسرة أو من المحيطين به. وبهذا نربى طفل بداخله مشاعر الخزى والفشل المستمر وعدم الإستحقاق.

عدم الرضا عن الذات (إنعدام المكافأة وتحفيز الذات)

لا يرضون أبداً عن أنفسهم أو النتائج، وبالتالى ليس لديهم مفهوم واضح للمكافأة على الأعمال المنجزة لأنهم مهما أنجزوا لا يجدوا مبرر للشعور بالرضا والإرتياح لأنهم يروا أن هناك الأكمل (الأمثل). على سبيل المثال يرى الآباء الكماليون أن نتيجة طفل عمره 9 سنوات 85% لا تعنى تقدير جيد أو جيد جداً بل تعنى أن هناك نقص 15% من المجموع، وعليه تنهال عبارات التوبيخ واللوم والإتهام بالتقصير وعدم مكافأة الطفل على مجهوده.

دعونا نلقى نظرة على هذا الطفل نتيجة المدخلات التى تعرض لها:

مُشتت الإنتباه من الأسرة.

مُنهك بتفاصيل كتير.

غير قادر على ترتيب الأولويات.

لا وجود لمكافأة ولا نظام تحفيز ذاتى.

واقع تحت توبيخ ووصم بالفشل.

فتصبح صورة الطفل عن نفسه كالتالى:

· مقصر وفاشل.

· خزى “مكسوف من نفسه”.

· لا يستحق المكافأة على الإطلاق.

· دونية (نتيجة المقارنة)

ويتم اهمال احتياجات الطفل فى تلك المرحلة وهى:

· أن يكون مُلاحظ “يتشاف”.

· التشجيع.

· تنمية الثقة بنفسه.

· الشعور بالإنجاز.

على العكس يكون ما حصل عليه الطفل هو:

الحرمان من حرية الادراك للمحيط كما يرغب.

الحرمان من التفكير فيما يريد.

الحرمان من الشعور الحُر.

الحرمان من اختيار ما يريده.

الحرمان من تخيل ما يمكنه تحقيقه.

لعب دور واحد وهو المثالية.

ونتيجة لكل تلك المدخلات ينتج التالى:

شخص غير معترف بمحدودية قدراته البشرية وضعفاته وأنه بيتعلم من خلال الصواب والخطأ.

شخص غير قادر على إنهاء المهام لأن طاقته موزعة على اكثر من مهمة في نفس الوقت (للحصول على رضا المحيطين.)

شخص نفسه قصير و مصاب بعدم إتمام الأعمال، عدم الإنجاز، عدم الإكتمال، ملول، بيقلب الترابيزة، سلبى، مفتقد للهمة والتحفيز، دائماً متأخر، لامبالاة، غيرة وحقد من نجاح الآخرين مع عدم القدرة على النجاح والإنجاز الشخصى. الثقة بالنفس في أدنى مستوياتها.

أو على العكس تماماً نجد طفل يقتل نفسه في المذاكرة، وعندما يكبر يقتل نفسه في العمل ايضاً “مدمنى العمل”. لأن وصله رسالة مهمة من الصغر أن قيمته فى الانجاز بمثالية 100% ” مدمن كمالية” يفتقر لأبسط مهارات الحياة زى التعبير عن ذاته و ممارسة ما يحب.

ونجد انفسنا امام النبوءة ذاتية التحقيق.. كل ما تم انتقاده عليه حتى لا يفعله، تم عمله بالفعل.. كل الخوف الذى كان بداخلنا تحقق!

لماذا؟ لأننا وفرنا للطفل بيئة مضطربة مغلفة بعبارات التربية والأخلاق والقيم الدينية بشكل مبالغ فيه.

ويبدأ هروب الطفل بعدما يكبر قليلاً، الهروب لسلوكيات ادمانية “المخدرات، الجنس، السلوكيات الخطر (القيادة بسرعة جنونية – مشاجرات)،…….” فهو يريد أن يشعر انه موجود وظاهر حتى ولو بطريقة غير صحيحة.

لو شعرت انك أب أو أم كمالية، من فضلك ابدأ الآن فى رحلة التغيير لأجل ابنائك ولأجل نفسك ايضاً:

وتأكد عزيزى الأب وعزيزتى الأم أن ابنائكم مثل البذرة التى تُزهر بمقدار معين من المياه والرعاية وليس بفيض او كثرة منها.

 

بقلم :

د شيماء منير الظن

زر الذهاب إلى الأعلى