تحقيقاتصحيفة المواطنمقالات

يرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ”للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

متابعة /ناصف ناصف

هذا الشهر الذي فرض الله علينا صيامه هو شهر رمضان، شهر ابتداء نزول القرآن، الكتاب العظيم الذي أكرم الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم فجعله دستوراً لهم، ونظاماً يتمسكون به في حياتهم، فيه النور، والهدى، والضياء، وهو سبيل السعادة لمن أراد أن يسلك طريقها، شهر تنزّل الرحمة الإلهية على العباد، وأنه تعالى لا يريد بعباده إلا اليُسر والسهولة، ولذلك فقد أباح للمريض والمسافر الإفطار في أيام رمضان. لقوله تعالى : “فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ ” البقرة -185 ففي الآية دلالة واضحة على أن الإفطار في السفر رخصة يسر الله بها علينا ، و فيها أن الله تبارك وتعالى لا يريد بتشريعه إعنات الناس، وإنما يريد اليسر بهم وخيرهم ومنفعتهم .

فقد بلغ من تيسيرات الله أن من أفطر لعذر في رمضان، فليس عليه أن يقضي ما أفطر من أيام إلا بعد زوال العذر، ولا يجب عليه التتابع في القضاء.

و قد أكد الرسول صلوات الله عليه وسلامه ضرورة الأخذ برخصة الله في العبادة؛ لأن الله أدرى بعباده منهم حينما أباح لهم ما أباح من تيسير، لذا قال صلَّى الله عليه وسَلَّم: (عليكم برخصة الله التي رخص لكم) ، وإن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.

وعلى المسلم أن يختار الأيسر؛ لأنه كما قال الرسول صلَّى الله عليه وسَلَّم : “إن خير دينكم أيسره”، ومع هذا اليسر لم يحرم الإسلام على أتباعه أن يأخذوا بالعزم ويدربوا أنفسهم، منذ نعومة أظفارهم على العبادة حتى يألفوها إذا ما كبروا ولا تشق عليهم فيفاجئون حين يبلغون التكليف بالقيام بأعبائها فينفرون منها.

كما أن الإسلام أباح تدريب الصبيان علي الصيام وهم غير مكلفين به و مما يدل عليه ما روته الصحابية الأنصارية الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ رضي الله عنها قالت: أرسل النبي صلَّى الله عليه وسَلَّم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائمًا فليصم”، قالت: فكنا نصومه بعد ونُصوّم صئباننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن – الصوف – فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك، حتى يكون عند الإفطار”، فمباح تعويد الأطفال على الصيام وشغلهم عن الطعام بأية وسيلة مسلية من لعبة أو غيرها، حتى يحين موعد الإفطار، وقياسًا على الصوم، يكون تدريب الأطفال على الصلاة باصطحابهم إلى المسجد، والصلاة أمامهم، لينشأ الأطفال على حب العبادة ويستمتعوا بحلاوة الإيمان حين يكبرون. هذه بعض رخص الله في الصيام تيسرا على عباده . وهذا الصيام الذي فرضه الله على عباده، إنما هو أيام معدودات وهي أيام رمضان، ولم يفرض عزوجل علينا الدهر كله، تخفيفاً ورحمة بنا.

أ .د /مفيدة إبراهيم علي عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية.

زر الذهاب إلى الأعلى