دنيا ودينثقافةصحيفة المواطنمقالات

وما يعقلها إلا العالمون المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على

وما يعقلها إلا العالمون المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على

متابعة/ ناصف ناصف

من المعلوم أنّ العقل هو آلة الإدراك والتمييز عند بني البشر، وبهذه الآلة فضّله الله تعالى على كثير ممّن خلق، قال تعالى: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” الإسراء – 70. لذلك كان مبدأ العلم والتعلم والتعليم، على مدى الحياة أول لبنة في صرح الكمالات الفردية والجماعية، وأوّل مبادئ بناء الحضارة الإسلامية الراقية.

ومما لا شك فيه أن هذه الدعوة قد ربطت بين العقل والسلوك العلمي كما في قول الحق سبحانه وتعالى: “وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ” العنكبوت -43.

ولقداهتم الدين بالعقل الذي تميز به الإنسان عن سائر المخلوقات والذى يعد نعمة من أعظم النعم التي اختص الله بها الإنسان ،فهو عنوان الرشاد وعمود السعادة ،فإذا تم العقل تم معه كل شيء وإذا ذهب العقل ذهب معه كل شيء ،لذا قال تعالى :”وما يعقلها إلا العالمون ” .

ومن هنا نجد عددا كبيراً من الآيات التي تحث على استخدام العقل، وطلب العلم، ونشره، مبينة فضله وفضيلة العلماء الذين يتحلون ويعملون به، وينشرونه ويبتغون وجه الله الكريم بذلك. ولذا دعا القرآن إلى إطلاق العقول من أسرها ودفعها للتأمل واستعمالها في مختلف شؤون الحياة. كما حث على الاستغلال الأمثل لها وتنميتها وأن لا يحجر عليها بالتعصب والتقليد. وقد بعث الله سيدنا محمداً – صلى الله عليه وسلم – بالرسالة الخاتمة، ليخرج الناس من ظلمات الجهل والجور والشرك والغي إلى أنوار العلم والعدل والتوحيد والرشد، فباستخدام العقل يفرّق الإنسان بين الصالح والفاسد، بين النافع والضار، بين الحق والباطل، وبتعطيله تلتبس عليه الأمور ويفقد هذا التمييز. وبطلب العلم يدرك حقائق الأشياء، ودلالاتها على عظمة وقدرة الله فإذا لم يطلب الإنسان العلم بقي في ظلمات الجهل لا يعرف الحقائق ولا الدلائل، ولا ما جاءت به الرسل ولا مقاصد الشرائع، فضلاً عن جهله بالعلوم الأخرى التي تزيده نوراً، وتبين له طريق السعادة في الدنيا والآخرة.

من أجل هذا ينبغي أن نوقن أن من ألغى عقله الذي هو من أسمى نعم الله على خلقه وعباده يكون قد تنازل عن جزئه الإنساني لقوله تعالى: ” أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ” الأعراف 179 . وَعَنْ أَبي الدَّرْداءِ، قَال: سمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول: (منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ…) فهذا يبين أن طلب العلم من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، ويدل على فضل العلم والعمل به، وما للعلماء العاملين من الخير الكثير، و العلماء هم ورثة الأنبياء والواجب على أهل العلم أن يبثوه في الناس وأن ينشروه في الناس وأن يعلموا الناس وأن يجتهدوا في ذلك، وأن يكونوا في ذلك مخلصين لله وحده ويحذروا من الرياء والسمعة.

أ 0 د / مفيدة إبراهيم علي – عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى