عاجل

اللواء حافظ حسن يحكي أسرار وخفايا "تبة الشجرة" 

اللواء حافظ حسن يحكي أسرار وخفايا "تبة الشجرة" 

كتبت: د/ أمنية حسن

حدثنا اللواء أركان حرب مهندس/ حافظ محمود حسن، مساعد وزير الصناعة والتجارة الأسبق، وعضو اللجنة العليا لمؤسسة القادة للعلوم الإدارية والتنمية، عن موقعة “تبة الشجرة” أحد أشهر المعارك في حرب أكتوبر، وشهد هذا الموقع بطولات وتضحيات أبطال الجيش المصري بأرواحهم ثم انتصاره على العدو الإسرائيلي في سيناء.

تحول موقع “تبة الشجرة” إلى أحد أهم المزارات التاريخية التي تنقل للعالم مدى انكسار وإذلال العدو الإسرائيلي، وأخذ موقع التبة تسميته من اسم شجرة الجزورينا التى كانت تعلو التبة، حيث وقع اختيار العدو الإسرائيلي على هذا للموقع تحديدا لأنها نقطة مسيطرة على المدقات، حيث ترتفع عن سطح قناة السويس بواقع 74 متراً، وتبتعد عن مدينة الإسماعيلية بمسافة 10 كيلو مترات، و 9 كيلومترات من شرق قناة السويس، فمن خلال هذا الموقع يمكن رؤية خط بارليف على طول مجرى قناة السويس، ليصبح خط الحصن والدفاع للعدو الإسرائيلي، وكانت تبة الشجرة نقطة اتصالات، ومن الخلف بمسافة ليست قليلة موقع الطاسة والذي كان وقتها الموقع الرئيسي للاتصالات لمنطقة الاسماعيلية، أيضا على نفس المسافة موقع أم خشيب مسؤلا عن الاتصالات، وكان بالمنتصف توجد منطقة كالمناولة لتوصيل الاتصالات واكتشاف اتصالات العدو والتي كانت نقطة مهمة لابد من ضربها.

واتخذ العدو الإسرائيلي هذا الموقع لمراقبة الضفة الغربية للقناة من منطقة مرتفعة لتتمكن من تدمير وقصف الجيش المصرى لكن محاولات العدو باءت بالفشل بفضل قوة وذكاء الجيش المصري، حيث حشدت القوات المسلحة المصرية ٩ فرق مشاة ومدرعة واتخذت أوضاعها الهجومية غرب القناة في مواجهة قوات العدو الإسرائيلي، وكان للفرقة الثانية مشاة شرف الإشتراك في معركة تحرير الأراضي، واتخذت أوضاعها الهجومية من بحيرة التمساح وحتى جنوب الفردان في النسق الأول للجيش الثانى الميداني.

وفي ٣ أكتوبر ١٩٧٣ تحديدا في تمام الساعة ٥ : ١٢ ظهرا، صدر القرار التاريخي بعبور القوات المسلحة المصرية لتحرير الأرض المغتصبة وكانت معركة العبور، والتي شارك فيها الفرقة الثانية مشاة ضمن وحدات الجيش الثاني الميداني، حيث تقدمت قوات من الجيش المصري للسيطرة على الموقع وبعد قتال مع العدو الإسرائيلي استطاعت القوات المصرية استرداد الأرض المحتلة، وتدمير عدد كبير من دبابات العدو.

وكان هذا الموقع متخذا شكل جذوع الشجر، وأطلق العدو الإسرائيلي عليه اسم “رأس الأفعى المدمرة” لشدة تحصينهم للمكان اعتقادا منهم أنه لن يستطيع أحد تدميره، حتى تمكنت الكتيبة الثانية عشر مشاه من الجيش المصري من اقتحام هذا الحصن المنيع والسيطرة عليه في عمل بطولي عظيم، كسر من شوكة العدو الإسرائيلي وارجعته ذليلا حيث جاء.

وكما ذكرنا أن هذا الموقع تحول لمزارا تاريخيا، حيث ستجد عند دخولك للموقع عدد من دبابات وسيارات العدو الإسرائيلي التى تم تدميرها أثناء اقتحام الجيش المصري للموقع، كما يوجد ٣ مواقع للألغام ما زالت القوات المصرية محتفظة بها كما هى حتى الآن، وضعتها قوات العدو فى الرمال من كافة الاتجاهات المحيطة بالموقع حتى إذا حاولت القوات المصرية الدخول يتم التفجير فى الحال.

ويستكمل لنا اللواء حافظ حسن حديثه حول أنه عقب اقتحام الجيش المصرى لموقع ‘تبة الشجرة” تم الاستيلاء على عدد من الأجهزة اللاسلكية كان العدو الإسرائيلي يستخدمها فى إرسال الإشارات إلى كافة النقاط الحصينة بطول خط بارليف، و عدد من مسدسات لإشارة بأحجام مختلفة، ورشاشات، وجهاز تطهير M.11 أمريكي، وعدد من الألغام انجليزي وإسرائيلي الصنع، وقاذفات وهاون إسرائيلية.

وتفقدنا أثناء الزيارة بصحبة اللواء حافظ حسن لإثنان من الحصون التي صممها العدو الإسرائيلي وتسمى بالدشمة مكونة من ٥ طوابق مبنية من الصخور الضخمة التي يصعب تدميرها لامتصاصها المواد التفجيرية، حيث كانت الصخور تزداد قوة وصلابة عند ضربها سواء بمدفعية أو طيران، تغطى الصخور مجموعة من الشبك اللامع إلا أن العدو الإسرائيلي قام بإطفاء المادة اللامعة حتى لا تلفت نظر الطيران المصري.

تحتوى الدشمة الأولى من الداخل على مجموعة من الغرف لضباط الأمن، وغرفة لضابط مخابرات، وغرف استقبال الاتصالات والإشارات الواردة من النقاط الحصينة على خط بارليف، واستقبال الإشارات من تل أبيب، كما تحتوى الجدران على مجموعة من الصور لعدد من قادة العدو الإسرائيلي آن ذاك، كرئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير وموشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى وقت حرب ٦ أكتوبر، صاحب فكرة بناء خط بارليف.

أما الدشمة الثانية تحتوي على عدد من غرف المبيت للضباط، ومطبخا لتحضير الطعام، وغرفة لتناول الطعام، وعيادة طبية، كما يوجد وحدة تكييف مركزية داخل الحصن، فيما وضعت إسرائيل حواجز إسفنجية بين الجدران، حتى يكون هناك عزل للصوت بين الغرف.

كانت إسرائيل تضع أعلى سطح التبة سلاحًا من المدفعية، حيث تستطيع من خلاله إطلاق الذخائر على مدينة الإسماعيلية لإصابة مواقع الجيش المصرى على الضفة الغربية، وفى منتصف الموقع يوجد نصب تذكارى عليه أسماء الشهداء الذين سقطوا أثناء هذه المعركة، واسترجاع الأرض من العدو المحتل، وحكى التي لنا اللواء حافظ حسن خلال جولته معنا واسترجاع ذكرياته في الحرب أنه محتفظ بجزء من تراب هذه الأرض، أوصى ابنه بدفن هذا التراب معه بعد العمر الطويل له، كما أوصانا بتقبيل هذا التراب الذي سال عليه دماء الشرفاء شهداء الوطن، واختتمت جولتنا مع اللواء بالدعاء لهم.

زر الذهاب إلى الأعلى