عاجل

العين الثالثة

العين الثالثة

بقلم / رغدة محمد 

مدير مكتب السويس ومدن القناة 

لنقف أولاً عند موضوع تعريف العين الثالثة، حيث يدّعي المتحدثون عنها والمدربون بشكل خاص أنها عين البصيرة، وتسمى عين العقل، أوالعين الداخلية، وهي مفهوم باطني وصوفي للعين المتخيلة والمتوهمة غير المرئية التي توفر كما يقولون إدراكًا يتجاوز الرؤية العادية، كما أنها في بعض التقاليد والطقوس الروحية للديانات تشير إلى العين الثالثة في موضع يسمى الأجنا أو شاكرا ما بين الحاجبين.

وهي البوابة التي تعبر بالانسان إلى العوالم الماورائية في طريق الوعي الأعلى. وترمز العين الثالثة في العلوم الروحانية الجديدة العصرية لحالة التنوير والإشراق والبصيرة أو استحضار الصور الذهنية ذات الأهمية الروحية أو النفسية العميقة. هذا وتتعلق العين الثالثة بالزاوية الدينية، والقدرة على مراقبة الشاكرات والهالات والكهانة بقراءة المستقبل ومعرفة تفاصيل الماضي وتكشف الغيبيات، وكذلك ممارسات وتجارب الخروج من الجسد.

العين الثالثة بين الشعوذة والدين

. فتحها قد يكون بوابة إلى عوالم الجن والشياطين

عين البصيرة محلها القلب… والثالثة محلها العقل وفتحها يكون بطقوس شيطانية تتصل بعوالم الجن

علوم العقيدة والروحانيات مستمدة من الله عز وجل وليس النفس ولا الطاقة ولا القوة التخيلية

يزعم المدربون كذباً بأن فتح العين الثالثة يمكنك من رؤية الملائكة والتواصل معهم

معظم السحرة يفتحون بوابة التواصل مع الشياطين والجن لممارسة أفعالهم الخبيثة

يروجون للعلم الإبليسي بمصطلحات دينية تخدع المتدربين وتجرفهم لمتاهاتها ودهاليزها

الجشع المادي والتخبط الديني وراء كثرة دورات فتح العين الثالثة

حقيقتها في الإسلام

في البدء نقول إن عين البصيرة محلها القلب، والعين الثالثة محلها العقل وفتحها بطقوس شيطانية هو تواصل بعوالم الجن كما يحدث عند كثير من المدربين، وهو أيضا دخول في محرمات تنافي ما جاء بالكتاب والسنة، وكل ما يزعمه المدربون لم يرد في الكتاب ولا السنة، ولا يعترف به معظم العلماء. وكما نعرف فإن العين الثالثه هي أقدس الروحانيات في العقيدة البوذية والهندسية وهي العامود الفقري لعلومهم الروحية، ولكن هل للعين الثالثة أصل في عقيدتنا الإسلامية؟ هنا السؤال المهم، والجواب: بالطبع نعم وقد ذكرها الله عز وجل بالقرآن الكريم تحت مسمى «الناصية». فالناصية هي مركز القيادة والتوجيه عند الإنسان وكذلك عند كل الحيوانات ذوات المخ، يقول الله تبارك وتعالى وقوله الحق: «… مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ ربِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ».

وهنا بعض أحاديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الناصية كقوله: «اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ..»، وكقوله: «أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ». وكقوله: «الْخَيْلُ معقود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». فإذا جمعنا معاني هذه النصوص نستنتج أن الناصية هي مركز القيادة والتوجيه لسلوك الإنسان، وكذلك سلوك الحيوانات. وقد وجد العلماء أن هذا الجزء من الناصية في الحيوانات ضعيف صغير، لأن الحيوان مركز قيادته وحركة جسمه أيضاً من هذا المكان، وإلى هذا يشير المولى سبحانه وتعالى: «مَا مِنْ دَابَّةٍ إلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا». وقد وصف القرآن الناصية بأنها كاذبة خاطئة كما قال الله تبارك تعالى في سورة العلق وقوله الحق: «نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ». والناصية لا تنطق فكيف يسند إليها الكذب ؟ ولا تقترف الذنوب والخطايا فكيف تسند إليها الخطيئة؟ وهنا أمر يجعلنا نتوقف لنتدبر المعاني، فالناصية مقدمة الوجه وفيها اتخاذ القرار، وهي مرتبطة بالله عز وجل خالق الكون ومدبره من السماء إلى الأرض، فمن فتح الله عليه بنور العلم والحكمة بسبب قربه لله جل وعلا، وإخلاصه في العبادة وفي علاقاته مع الآخرين، وهنا يفح الله بصيرته فيرى بنور الله تبارك وتعالى.

والعين الثالثه لها أثر ثابت في تاريخ الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن ليس بمفهوم المدربين بالتدريب والتفعيل وتحريك الشياطين والتعامل معهم، وتسخيرهم، فهو عليه السلام يرى فضاء المعركة في مكان بعيد ويصف حال الشهداء، وكيف تغسلهم الملائكة، وكذلك الفاروق عمر بن الخطاب الذي عُرف بالتخاطر فقد رأى بنور الله عز وجل، حين كان يخطب الجمعة وتخاطر عقليا عن بعد مع الصحابي سارية بن زنيم محذرا إياه قائلا: يا سارية الجبل الجبل فهو ينصحه بالاحتماء بالجبل.

وهكذا فإن البصيرة تأتي من الله عز وجل بالقرب منه لا بالقرب من الشياطين، ولا بممارسة الطقوس الوثنية التي لم ترد في الكتاب والسنة، فالبصيرة لا تأتي من المخلوقات، وإنما تأتي من الخالق عز وجل مالك الملكوت، مدبر الأمر، والمتصرف فى عالم الاحياء وعالم البرزخ. ختاما نقول: كيف نقدس فكر مُنكري وجود الله عز وجل وعبدة البقر وممارسي الطقوس الوثنية، ونسفه عقيدتنا التي تنبني على الكتاب والسنة؟ فالحقيقة هي بين أيدينا في كلام الله عزوجل المتمثل في القرآن العظيم، وفي سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي أرشدنا إلى طريق النور. نسأل الله عز وجل أن تنتهي موجة الضلالة التي يتخبط فيها بعض المدربين الذين يتكسبون من هذه الدورات والتي تتعارض وعقيدتنا، بدعوتها لما يُسمى روحانيات ومصدرها الظنون والأوهام والخيالات رغم وجود الروحانيات التي تنتهج المصدر اليقيني وهو الله عز وجل خالق الكون، ومدبره من السماء إلى الأرض.

زر الذهاب إلى الأعلى