تحقيقاتثقافةدنيا ودينصحيفة المواطنمقالات

أمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ المقال الاسبوعى ” للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على. عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

متابعة / ناصف ناصف

قال تعالى :”وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ” مريم-33هذا من جملة كلام عيسى عليه السلام الذي بدأه بقوله: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا”

وهنا إثبات منه لعبوديته لله عز وجل ، وأنه مخلوق من خلق الله يحيا ويموت ويبعث كسائر الخلائق ،.وهنا ما يؤكد عالمية الإسلام وجواز الاحتفال بميلاده عليه السلام مع قدوم السنة الميلادية فهو نبي كريم من ذوي العزم من الرسل عزيز علينا وحبيب إلى قلوبنا نبي الله إلى بني اسرائيل المسيح عيسى ابن مريم البتول عليه وعلى نبينا أفضل وأذكى الصلاة والسلام. ويذكرنا العام الجديد معجزة ميلاده المجيد لتكون لنا عبرة وعظة ودليلا على طلاقة القدرة الإلهية، وهذا ما يجعلنا إلى الله أقرب وبعرى شريعتنا وديننا الحنيف أوثق حتى نكون كما قال الله تعالى فينا: “كنتم خير أمة أخرجت للناس”آل عمران -110.

ولقد كان مجيء نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام مبشرا ببعث سيدنا محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام والذى قال عن نفسه: أنا دعوة أبي إبراهيم ونبوءة موسى وبشارة أخي عيسى )وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ “الصف -6 ,وقد أمرنا تعالى بأن نؤمن ونصدق بجميع الأنبياء والمرسلين حيث قال “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ”.البقرة-285

وقل عز وجل: “إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ “يوسف -40

وعندما اختلف اليهود والنصارى حول من أولى الناس بإبراهيم، فيهوديٌ حسب زعم اليهود ونصرانيٌ حسب زعم النصارى، كانت الإجابة ” إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ”، أي أن العبرة تكمن في الاتباع الفكري بعيداً عن الشخوص والمسميات القومية والأنساب العائلية، وطالما كان الإنسان مؤمناً بما يقوله الرسول فهو من اتباعه، تبعية لا تزول بموت الرسول أو وفاته.

وعليه فإن القومية الدينية، أي النظر للدين وكأنه مختلف باختلاف القوم المنزل إليهم، فهذا أمر على ما يبدو لي مخالف للمعتقد الإسلامي المطالب بالمساواة بين الرسل في الاعتبار” لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ “.

وعليه الاحتفال بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبعيسى وموسى وغيرهم عليهم السلام ، يتضمن التأكيد على وحدانية رسالة الإسلام وبعداً عن القومية الدينية وإعادة صياغة الحوار بما يتوافق مع لغة العصر،

ويؤكد بشرية عيسى وإنسانيته، ويرسخ أن محمداً إنما هو رسول كعيسى قد خلت الرسل من قبلهما، ويبتعد تماما عن تقليد من يخالف عقيدة عيسى في السلوك التديني ظاهرا وباطنا، و يؤكد على عالمية الإسلام و أن الإسلام هو دين كل الرسل قبل محمد عليه الصلاة والسلام. لقوله تعالى:” إنّ الدّين عند الله الإسلام ” آل عمران –19.

أ .د / مفيدة إبراهيم علي – عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى