عاجل

فن التغافل الذكى بقلم : د شيماء منير الظن

فن التغافل الذكى بقلم : د شيماء منير الظن

بقلم : د شيماء منير الظن

التغافل فن من فنون الحياة الاجتماعية ومهارة من مهارات الذكاء الاجتماعي، وهو يعني في مفهومه الاجتماعي: التظاهر بعدم الانتباه لزلات وهفوات الآخرين، والعفو عن أخطائهم دون إشعارهم بارتكابهم لها.

أن بعض ما نخسره في حياتنا قد يكون بسبب التضييق على الآخرين وإغلاق منافذ الهروب، وهذا الأمر يجعل الطرف الآخر أمام خيارين، إما أن يهرب منك وتخسر جهده، أو يتخذك عدواً فيكيد لك ويدعو عليك، وفي كلتا الحالتين تكون خاسراً، لذلك أجد من المناسب أن تختار اللحظة لتسمح للطرف الآخر أن يتراجع، أن يهرب بكرامة، فبعض التغافل مفيد جداً.

والتجاهل أو التغافل له مظاهر عدة، أما يكون تجاهلاً للشخص المسيء في سلوكه وتصرفاته، وكأنه غير موجود، حتى ينتبه ويعود لرشده وبالتالي يعتذر عما بدر منه.

وقد قيل في الحكم: إن القليل من التجاهل يعيد كل شخص إلى حجمه الطبيعي. أو تجاهلاً للأحداث والمواقف المؤلمة، وجعلها وراء ظهورنا بأن نبدأ صفحة جديدة في حياتنا الاجتماعية، بل وجعلها منطلقاً وثاباً نحو حياة أجمل وأمل مشرق. أو تجاهلاً للعبارات الخارجة عن قواعد الذوق العام والقيم الأخلاقية، ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة.. عندما كان يشتمه كفار قريش وينادونه مذمماً، فما كان منه إلا أنه قال:

(أَلَا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ؛ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّد .)

صدق رسول الله صل الله عليه وسلم

وقد قال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله -: «تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل»..

وقال الإمام الحسن البصري – رحمه الله -: «مازال التغافل في الكرام»، وإذا كان التغافل محموداً مع الشخص المسيء فكيف مع الزوجة والأبناء، فهو بالطبع أولى ويكفي أن من فوائد التغافل.. الراحة النفسية والصحة العاطفية واللباقة السلوكية والسعادة الاجتماعية، وهذا السلوك الأخلاقي والأدب التربوي (التجاهل أو التغافل) يجنبك الوقوع في مغبة المشكلات الاجتماعية، والمعضلات الأسرية والخلافات الإنسانية خاصة الزوجة .

أشكال التغافل

أولًّا: التغافل في العلاقة الزوجية؛ لا تخلو عائلة من مشاكل زوجية ومشاحنات، إذ لا بد من التغافل فيها، وعدم التشدد والمراقبة والمحاسبة فيها لتسير الحياة بسلام وترسو العلاقة الزوجية على بر الأمان.

ثانيًا: التغافل في تربية الأبناء؛ إذ أن التغاضي والتغافل عن زلّات الأبناء وأخطائهم واجب، فلا ينبغي محاسبة الأبناء على كل أخطائهم وملاحقتهم؛ لأن ذلك يسبب الخوف وربما استمرارية الوقوع في الأخطاء وتكرارها.

ثالثًا: التغافل في العمل؛ حيث أن مجاهدة النفس والترفع عن الأخطاء من زملاء العمل شيء محبّب وجميل، فينبغي تحقيق الهدوء والاستقرار النفسي في بيئة العمل وهذا يتحقق بالتغاضي والتغافل فقط.

ما الفرق بين التغافل والتجاهل؟

رغم التشابه الذي يبدو لمعظمنا بين مصطلحيْ التغافل والتجاهل، إلّا أن هناك فروقًا عدّة بينهما، نذكر منها:

التغافل يعتبر رسالة سامية، رسالة ود واحترام للآخر، أما التجاهل فهو رسالة احتقار وإهمال. التغافل هو التظاهر بعدم معرفة النقص أو العيب، بينما يكون التجاهل بإظهار عدم معرفته وهو يعلمه تمامًا.

التغافل يعتبر أداة ورسالة للشخص المقابل بأنه يهمك ويعني لك الكثير وإثبات أنك حريص لبقاء العلاقة والود معه، على عكس التجاهل الذي غالبًا يكون مع شخص عاب

ر لا يعني شيئًا .

زر الذهاب إلى الأعلى